للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: " صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ " قال: قلت: " اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ": قال " فإن معي الهدي فلا تحل ".

قال فكان جماعة الهدي الذي قام به علي من اليمن، والذي أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة. قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هَدْي، فلما كان يوم التروية (١) توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلع الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة. فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام (٢) كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء فرحلت له (٣)، فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال:

" إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دماءنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته


(١) يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة.
(٢) كانت قريش في الجاهلية تقف في المشعر الحرام، وهو جبل بالمزدلفة يقال له قزح، وقيل: أن المشعر الحرام كل المزدلفة، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقف في المشعر الحرام على عاداتهم ولا يتجاوزه، ولكن رسول الله تجاوزه إلى عرفات تنفيذا لأمر الله تعالى، في قوله: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) أي سائر العرب غير قريش، وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه.
(٣) رحلت: وضع عليها الرحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>