للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظمت الشريعة الإسلامية أحكامه ونتائجه، تُعدّ من مفاخر الشريعة الإسلامية، ويُعدّ من أكبر الأدلة على أن أحكام هذه الشريعة متسقة تمام الاتّساق مع الفطرة الإنسانية، والحاجات الطبيعية عند الإنسان.

وقد تجلّت هذه الحقيقة عندما رأينا الأمم المختلفة، وهي تتراجع عمّا كانت تلزم نفسها به من حّرمة الطلاق، واعتبار عقد الزواج سجناً أبدياً، يقرن فيه الزوجان إلى بعضهما، كرها ذلك أو رضيا، وذلك بعد أن رأت هذه الأُمم أن هذا الحظر لا يقدّم للمجتمع إلا أسوأ النتائج، وأخطر مظاهر الإجرام، وبعد أن تنبهت إلى أن اقتران اثنين ببعضهما لا يمكن أن يتم بالإكراه، إلا إذا أُريد أن يكون الإكراه ينبوع تعاسة وشقاء للأُسرة كلها، أو بركان دمار وقتل وفتك.

ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية بإيجاد أسباب التفاهم، والوداد والتعايش المستمر بين الزوجين.

ولكنها لم تعالج ذلك بربط جسد كل ِّمنهما بالآخر، وإنما عالجته بالتنبيه والإرشاد إلى الضمانات الإيجابية المختلفة التي تغذي الوداد بينهما، وتشبع أسباب التفاهم، وتطرد من بينهما موجبات المشاكسة والتنافر، ولقد كان من أهم هذه الضمانات التي أرشد إليها توفر الدين الصحيح في الزوجين، وقيام كلّ منهما بالواجبات المنوطة به، والتزام كلّ من الزوجين بالسلوك الأخلاقي السليم، على النحو الذي نظمته شرعة الله عزّ وجلّ.

هذه الضمانات هي التي تحمي بيت الزوجية عن أن يتهدم، وهي التي تجعل من شرعة الطلاق قانوناً موضوعاً على الرف، يستنجد به عند الضرورة، أي عندما يقصر أحد الزوجين عن تحقيق الضمانات والآداب التي شرعها الله تعالى حفاظاً على الحياة الزوجية، ورعاية للمودّة والألفة بين الزوجين.

والدليل على هذا الذي نقول: أن حوادث الطلاق لا تكاد ترى لها

<<  <  ج: ص:  >  >>