للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في وصفه سيد رهط وفريق تنوعاً بين أصيل وعريق رقى من التواضع سلم الشرف ولم يخش المعاني في مدحته السرف فاصله في دفتر الفتوة ثابت وغصنه في بحبوحة التقديس نابت ولد بكر الفكر من حين ولادته وقلد جيد الأدب من دره المفصل بأفخر قلادته فهو للآمل مظنة رجاه وبقمر وجهه أقبل نهاره وأدبر دجاه يهب على الأنفاس من خلائقه بعرف الطيب ويجري من الأهواء مجرى الماء في الغصن الرطيب وثمة أدب يتبرج تبرج العقيلة وفكر صفا من الكدر ولا صفا المرآة الصقيلة وخط أخذ في الحسن كل الخط وكأنما أوجده الله ليكون متمتع القلب واللحظ فمتى سقى قلمه من الحبر أنبت ما بين الجداول عروق التبر فمداده يجول في رقيم الصفحات فتتوشى علاماته وإذا تحققت فيه النظر فما هو إلا من رقوم الخد ودواواته ولاماته وله شعر أعده من هدايا الزمان ولا أحسبه إلا من مفصلات الجمان والبهرمان ومن شعره قوله

إن الذين تقدّموا لم يتركوا ... معنى به يتقدّم المتأخر

قد أنتجوا أبكار أفكار لهم ... عقم المعاني مثلها متعذر

فإذا نصبنا من حبال تخيل ... شركاً به معنى نصيد ونظفر

عصفت سموم هموم فكر قطعت ... تلك الحبال وفرّ منها الخاطر

والدهر أخرس كل ذي لسن فلو ... سحبان كاف منطقاً لا يقدر

والشعر في سوق البلاغة كاسد ... فترى البليغ كجاهل لا يشعر

والفضل أقفر ربعه لكنه ... بوجود مولانا الأمين معمر

علامة الدنيا وواحد دهره ... وأجلّ أهل العصر قدراً يذكر

ملك العلوم له جيوش بلاغة ... وفصاحة فبهم يعز وينصر

تخذ الفهوم دعية منقادة ... تأتيه طائعة بما هو يأمر

يقظ يكاد يحيط علماً بالذي ... تجري به الأقدار حين يقدّر

ما زال يملأ من لآليّ لفظه ... أصداف آذان لنا ويقرّر

تالله ما رشف الرضاب لراشف ... من ثغر ذي شنب حكاه الجوهر

أحلى وأعذب من كؤس حديثه ... تملى وتشر بها العقول فتكسر

فاق الذين تقدّموه بسبقهم ... وبه الأواخر تزدهي بل تفخر

بالسؤل يمنح قبل تسآل فان ... سبق السؤال عطاؤه يتعذر

لو أن أيسر جوده قدما سرى ... في الكون لم يبق وحقك معسر

قد أبدع الرحمن صورة خلقه ... ليرى جميل الصنع فيه المبصر

وجه كأن الشمس بعض بهائه ... ما زال يحسده عليه النير

<<  <  ج: ص:  >  >>