الماء لكل ما يحسن منظره وموقعه ويعظم قدره ومحله فيقال ماء الوجه وماء الحسن وماء النعيم وماء الشباب وغير ذلك فهنا وقع في كلام المترجم ماء الجمال وأحسن ما قيل في ماء الحسن قول ابن المعتز
ويكاد البدر يشبهه ... وتكاد الشمس تحكيه
كيف لا يخضرّ شاربه ... ومياه الحسن تسقيه
ولا بأس بذكر قطرة من ذلك في ضمن هذه الترجمة ليمتلئ الظمآن للأدب من مياه هذه المحاسن التي فيها ماء الفصاحة والبلاغة غير آس فمما ورد من ذلك في ماء الوجه قال أبو تمام
وما أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي
ومن ذلك ماء الشعر والكلام قال أبو تمام
وكيف ولم يزل للشعر ماء ... عليه يرف ريحان القلوب
ومنه ماء الشباب فمن ذلك قول أبي محمد الفياض
وما بقيت من اللذات إلا ... محادثة الكرام على الشراب
ولثمك وجنتي قمر منير ... يجول بخده ماء الشباب
ومنه ماء النضارة والندى والبشر قال بعضهم
يجول به ماء النضارة والندى ... كما جال ماء البشر في وجه قادم
ومنه ماء الندى والكرم والنوال والجود قال العتابي
أأترب من جدب المحل وضنكه ... وكفاك من ماء الندى تكفان
وقال البحتري
وما أنا الأغرس نعمتك التي ... أفضت لها ماء النوال فأورقا
وقال البحتري أيضاً
ووجه سال ماء الجود فيه ... على العرنين والخدّ الأسيل
ومنه ماء البشاشة قال أبو العتاهية
ليالي تدني منك بالقرب مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر
ومنه ماء الظرف قال الصاحب ابن عباد
وشادن أحسن في اسعافه ... يقطر ماء الظرف من أطرافه
ومنه ماء الود قال الشريف الرضي
ترقرق ماء الود بيني وبينه ... وطاح القذى عن سلسل الطعم رائق
ومنه ماء النعيم قال بعضهم
إذا لمع البرق في كفه ... أفاض على الرأس ماء النعيم