للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد مدّ جيش الفجر بيض نصوله ... ليوسع أطراف الظلام به فتكا

وجنح الدجى قد ضم فضل سواده ... مخافة أن تغشى طلائعه وشكا

سوى ما توارى منه في مقل الظبا ... وفي طرر الأصداغ واللمم الحلكى

وقد تلت الأنوار آية محوه ... على مسمع الأزهار فابتدرت ضحكا

وغنت على الأغصان ورق حمائم ... غناء غريض حرّك العود والجنكا

فتاة حذار الناظرين تلفعت ... بمنسوج درّ أحكمت نسجه حبكا

يكاد إذا استعرضت باهر حسنها ... على مقل الأفكار أعجزها دركا

من العربيات التي من خبائها ... تعير حجاب الشمس إن برزت هتكا

ويكسو أثيث الليل فاحم شعرها ... إذا هي أبدت عن ذوائبها سدكا

وتبدو دنانير الحيا إن تصوّرت ... بصفحة خدّيها وقد بهرت سبكا

سوى أن صحن الخدّ مذرق ماؤه ... يد الحسن ألقت في قرارته مسكا

كحيلة أطراف الجفون لحاظها ... تصول بأمثال القواضب أو أنكى

سلوا إن جهلتم قدّها بانة اللوا ... وعن فعل عينيها سلو المهج الهلكى

فلا قلب إلا وهو فيها معلق ... ولا جسم إلا وهي تنهكه نهكا

أتتني وعندي من شواغل حبها ... فصول هوى أجرت سحاب البكا سفكا

فقمت لها والعين سكرى بمائها ... سروراً وقد أوجست من وصلها شكا

فقلت فدتك الروح هل من إباحة ... لكشف نقاب عن مقبلك الأذكى

فقالت إذا آنست من كوكب العلا ... بروق الرضى أحرزت من ختمه الملكا

أخي الشيم الغرّ اللواتي عيونها ... تروق كزهر الروض تفركه فركا

عذيق ثنيات العلا وجذليها ال ... محكك إن باراه قرن أو احتكا

صقيل حسام العزم أروع باسل ... إذا اعتركت خيل المنون بنا عركا

هززت قناة الفضل منه بماجد ... وأوسعت صدر المشكلات به شكا

بليغ إذا ما المادحون تناوبوا ... فسيح القوافي ينتحي المسلك الضنكا

متى اقتحمت آياته كل بارع ... تفك عقود القول أفهامه فكا

فكم قلدت سمعاً وكم أسكرت نهى ... وكم زينت طرساً وكم توجت صكا

فلله منه لوذعي تقاصرت ... سهام الأماني عن مبالغة دركا

وكنت أزكى النفس حتى رأيته ... فكبرت أجلاه وقد خاب من زكى

فأنى لأهل الفضل إنكار فضله ... وقد شحنت من درّ آدابه فلكا

فما الروضة الغناء باكرها الحيا ... ومدّ رواق الشحب من فوقها حبكا

<<  <  ج: ص:  >  >>