شخوص وأشباح تمرّ وتنقضي ... الكل يفنى والمحرّك باقي
فعنده قول هذا القائل كلمة حق أريد بها باطل ومن أحواله إنه فارس ميدان يثير النقع في أرض بارق ويذكر مجر العوالي ومجرى السوابق إذا أبصرت عامله أبصرت عامله أو أفعاله فأفعى له أو أقواله فأقوى له أو أعماله فليس أهلاً أعمى له لكنه يقول
إلى حتفي سعى قدمي ... أرى قدمي أراق دمي
ومن أحواله إنه خليع عذار خد مشى فيه الدجى فتحير وبالغ في لثم كافور الترائب حتى لاح فيه وفاح العنبر ونشر مسك الليل على كافور الصباح وستر وجوه هاتيك الملاح مع إنه خصى ألوط من دب وفي بياض النهار يدب يكمل بالنقصان ويغبر في وجوه الحسان ويخسف الأقمار ويولج الليل في النهار ومن أحواله إنه رفيق رقيق طبع يسير في روضة يطلب للضيق منها مخرجاً لترقرق مائها الصافي تحت ظلها الضافي كطرة صبح تحت أذيال الدجى يتكسر النهر فيها على صفحات الحدائق ونثر لازوردي البنفسج على لجين الماء الرائق وفيها يقول
لم لا أهيم إلى الرياض وحسنها ... وأقيم منها تحت ظل ضافي
والزهر يلقاني بثغر باسم ... والماء يلقاني بقلب صافي
مع إنه غريب قد أخذت منه الغربة بنصيب حتى غدا أخا جوع وليس بصائم وعرياناً وليس بمحرم بحال أرق من الشكوى وأوجى من النوى وليس له من كثرة الترداد ملل لقوله أنا الغريق فما خوفي من البلل وقد كان هجر العراق وله إلى الشرق اشتياق
هجر العراق تطرباً وتغرباً ... كيما يفوز من العلا بقرابه
والسمهرية ليس يشرف قدرها ... حتى يسافر لدنها عن غابه
وما ذاك إلا لتتلقاه الملوك بأيدي القبول وهذا غاية الفوز ونهاية الوصول فكتب إليه الجواب بقوله ن والقلم وما يسطرون ما هاروت ونفثه وبحثه عما يفرق به وحثه يلعب بالعقول من البيان وبيانه للعيان فإنه صعب المركب ممنع المفرد والمركب ودون افتراع بكره وصدق سن بكره تخيلات وعرة المسلك شامخة العرنين عن أن تسلك بل دون مناله خرط القتاد وتفتت أكباد وتقطع أكتاد إلا لمن ذلل الله له جوامح أزمته وأودعه سجية برمته وأوسعه ما يعجز ومنحه ما يطنب به ويوجز فتعلق شأوه بمناط الأثير بمحسنات البديع من النظيم والنثير وقد وجم عن ادراكه كثير من الفحول وجم عن منهج الفضل لا يحول ولله در من مد إليه باعه فاقتاده ونقد سوانحه بفكرته الوقادة واقتطف من باكورة الفصاحة نضيرها واهتصر من البلاغة غضيرها من إذا شبب أطرب وإذا