للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعرب أغرب وإذا تكلم أصمى الأغراض وأظهر بون ما بين الجواهر والأعراض وإذا أجاب حير وإذا استرسل على أي حال لم يتغير فهو نسيج وحده في حله وعقده فلقد شنف سمعي وقرط وأودع ما يروق وما فرط فأقبلت عليه بكلي لا ببعضي وتصديت إليه بابرامي ونقضي فيالك فاضلاً تقف الآراء عند تخيلاته وتتحير العقول بكنه استعمالاته وإليك ألقي بالمقاليد في طارف الكمال والتليد وأنا أقسم بمن أودعك ما أودعك ومنحك ما حلى به طرفك ومسمعك لأنت النابغة بل النادرة والنكتة التي للافهام متبادرة فأعيذ مرأى ذاتك وأحمى بديع صفاتك ما هذه القلائد المنتثرة والفوائد المنتشرة التي أتيت بها بالعجاب وأبرزتها للعيان من دون حجاب وأفرغتها في قالب الاختراع وافترعت بها هضاب البلاغة أي افتراع وضمنتها نكات هي عن سواك بمعزل وأنزلتها في القلوب أرفع منزل وأفحمت وأوجزت وأفعمت وأنجزت ورتجت المغفل وفتحت المقفل وتحاميت التعقيد والغرابة وتحاشيت التنافر واغرابه وجئتنا سائلاً وأوردت بحر الأدب سائلاً عن شيء يضع ويرفع ويضر وينفع ويجري على وفق الارادة من سعادة إلى شقاوة ومن شقاوة إلى سعادة فلا شك إنه اطلع على اللوح المحفوظ وعلم كل معنى ملفوظ وشارك باريه بالتصوير وأعانه على توقيع التدبير حجبه ظاهرة البرهان تراه كل حين هو في شأن فإذا التجئ إليه والتفت الأنامل عليه ابتدر بالحس لما في الخاطر مبيناً وأراك ما حصل في المخيلة يقيناً له صوت يسمع ولا يفهم كأنه أبكم ولسانه إذا جز تكلم وأتى بالكلام المحكم وأعرب وأعجم يجري مع كل عدو وحميم ويجاري كل كريم ولئيم وإذا وشى ترك العقول حيارى وترى الناس من أجله سكارى وما هم بسكارى إذا قام في مقام الافتخار وشق من ذلك الميدان الغبار قال وضح النهار

لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبجدّي علوت لا بجدودي

وإذا انساب في مهمات الأمور أظهر ما تكنه النفوس وما تخفيه الصدور فيا طالما خاض الظلم وظلم وظلم وعجيب أن تعبه في الراحة منوط وأمره دائر بين المهمل والمنقوط يأخذ من كل من قصده باليمين إن كان يصدق أو يمين له تقلب الأحوال في الأدبار والأقبال مع إنه فارغ من الأشغال لا يقر في أطواره على حال كريم شحيح سقيم صحيح أشغل من ذات النحيين وأفضى من حجام ساباط دعى في النسب لا يعرف له أم ولا أب يستأثر بنقل الأخبار إذا نأت الديار من الديار ينكس الأعلام وله اليد الطولى في النقض والابرام أغاليطه كثيرة وسقطاته شهيرة لم يزل في نحيب ودمعه في صبيب حتى إذا بلغ الغرض جف وأعرض وقال بلغ السيل الربى والشوط الأنتها

<<  <  ج: ص:  >  >>