فنهجه قويم إلا أن مشيه غير مستقيم يخطر مثل السرطان إن شاء ألف بين الأنس والجان عارف بأنواع المدح والهجاء وبمواقع معارك الهيجاء علي المقدار حديد شبا المنقار يجمع بين الضدين بل بين الأمرين المختلفين تطيعه كل ملة ويفرق بين المعلول والعلة فأما الملة اليهودية فهو حبرها في تفصيل قضاياها والمرجع إليه في نسخ أحكامها ومزاياها وأما المسيحية فله فيها الباع الطويل وهو المعين على ما فيها من التغيير والتبديل وأما المحمدية فعنها يترجم وعلى مواردها يدل ويعلم ضئيل الجسم عالي النفس يروى حديث العشق عن أنس يحصى حسنات الأنام ومساويهم ويحتاج إلى عبيدهم ومواليهم تراه قيماً غير ذي عوج مستكناً غير ذي هوج يعلم الناس السحر ويظهر عجائبه في البر والبحر ليس له حاسة بصيرة ولا ذوقية ولا سمعية أوله مثل آخره وآخره مثل أوله تتهاداه الركبان من مكان إلى مكان يطأ النواعم وهو على رأسه قائم يحفظ من النسيان ويخبر عما يكون وكان إن قلم ظفره انشبه وإذا انتسب أو صل إلى أول الخلق نسبه يضرب أسداساً بأخماس وأخماساً بأسداس فيجعل الثلاثة مئيناً والمئين آلافاً بل يضاعفها إلى ما فوق ذلك أضعافاً اجرأ من ليث مع إن الشعرة لا تدعه يذهب إلى حيث خدم وخدم حتى صار أشهر من نار على علم يجمع بين المشرقين في خطوة وله في قيد كل شبر كبوة ومن العجب إنه ينطق بالضاد على بكمه ويمد المدود بفمه فإذا ذوى عوده وافت سعوده وإذا عب أتى بما أحب وإذا خاض للبحر لجه أقام أقوى دليل وأقوم حجه فيجعل الحديث الضعيف مسلسلاً والمطلق مقيداً والعجز صدراً والكامل شطراً والمفهوم محسوساً والرئيس مرؤساً وله أطوار منها اللبيب يحار منها ما عنه اشتهر في البدو والحضر أنه يدع الصافي ويكرع الكدر ومنها إن له النهى والأمر مع أنه لم يزل في قبضة الأسر والقهر ومنها إنه كسيح إلا أنه يسعى سعي الصحيح ومنها إنه شديد البطش آثاره في الأرض ولدى العرش على أنه شخن لفلسفة لا يحتمل على رأسه دقة
ورب امرئ تزدريه العيون ... ويأتيك بالأمر من فصه
ومنها إنه رفيع المقام إلا أنه مبتذل بين الخاص والعام ومنها إنه مؤنث مذكر إذا المرء في حاله تفكر ومنها إنه يريض نفسه في مرضاة الكبير والصغير وتحامى مسه البشير النذير ومنها إنه زاهد في ذوات الذوائب راغب في الفحول الأجانب ومنها إنه إذا شق العصا أطاع ربه وما عصى قروي الربع مدني الطبع يألف مجاني الربا في ابان شبابه حتى يرى أكلها متشابهاً وغير متشابه فإذا غنى العندليب وصفق النهر يرقص في الحلل النضرة لدى الزهر فهو في كل معنى يهيم ولا شك إنه من أصحاب الرقيم أخذ