ابتداء التمشلي وفي سنة تسع وتسعين في شعباتها أعطى مدرسة شاه سلطان ففي سنة اثنين ومائة وألف في رجب أعطى قضاء المدينة المنورة فلما عزل منها سنة ثلاث قدم دمشق مع الحاج فلما كان من ذي القعدة من سنة أربع ومائة وألف أعطى قضاء دمشق الشام ولم يتفق ذلك لغيره وصار له في ذلك كرامة وهي في الحقيقة كرامة الصديق رضي الله عنه وهي ان جماعة من أعيان دمشق كان بينهم وبينه مخاصمة من جهة وقف فرتبوا أنهم في ثاني يوم يشتكون عليه لقاضي الشام ففي عصر ذلك اليوم جاءه منصب القضاء وهو في داره فركب وجاء إلى المحكمة وأبرز المنشور السلطاني بتولية القضاء ثم عاد إلى داره بقرب المارستان النوري ونقل مجلس الحكم اليها أياماً حتى ارتحل القاضي المعزول وباشر القضاء بعفة ونزاهة وتودد للناس وعدم محاباة في لحق ثم عزل عنها وسافر إلى الروم فولي قضاء بروسة في محرم سنة تسع ومائة ولما عزل في ربيع سنة عشرة ارتحل إلى اسلامبول وأقام بها ثم في ربيع الآخر سنة خمس عشرة ومائة وألف ولي قضاء مكة المكرمة وقدم إلى دمشق في شعبان من السنة المرقومة وحصل لأهل دمشق سرور عظيم في ذلك وامتدح بالقصائد الغر فممن امتدحه الأديب عبد الحي الخال بقوله
انادية الافراح أضحت تغرد ... بأندية المجد الأثيل تردد
وصوت المثاني والمثالث ما بدا ... لسمعي ام اسحق أم ذاك معبد
أم العود لا بل ذاك صوت مبشر ... يبشرنا بالعود والعود أحمد
بمقدم مولى دون صهوة طرفه ... منال الثريا لا يطأولها يد
امام إذا ما رمت نعت صفاته ... فذلك شيء من علا الشمس أبعد
رقى من ثنيات العلوم بواذخاً ... لها في تخوم الفكر أصل مؤطد
إلى كعبة العلم الذي صار صدره ... لها حرماً فهام ذي الفضل تسجد
وطود فخار قد تسامت به العلى ... وبدر علوم للاضاءة يرصد
وبحر نوال لا يضاهي خضمه ... وشمس معال عندها تقصر اليد
ونجل أبي بكر وناهيك محتداً ... رفيعاً له الجوزاء تعثو وتحسد
إذا قيل من في الناس أو في عزيمة ... من الشم ثم البحر والبحر مزيد
لقلنا الذي لو صادف الدهر مغضباً ... لولي وجيش الدهر منه مشرد
وذاك ابن خير الخلق بعد محمد ... كذا قال خير لخلق عنه محمد
لقد شرفت منه معاهده التي ... بأركانها ضاءت نجوم وفرقد