سعدي العمري لا ينفك أحدهما عن الآخر وقد أبيض شعر لمته ولم يقعده في التصأبي عن همته وهو لا يفتر عن أنتهاز الفرص ويقطع أوقاته بين روض وغدير وغزال غرير مشتغلاً بذلك منهمكاً وبالجملة فهو بالعشرة ممن طال غرامه فساد واشتهر ما صرف عن أبائه والأجداد وقد ترجمه خاتمة الأدباء السيد الأمين المحبي في ذيل نفحته وذكر له من الشعر وقال في وصفه شاب نبيه القدر تراه فتستريب بصفحته البدر سقى منبته بماء الفضل فاخضر عوده وأخصب ربيع كماله لما لاحت في سمائه سعوده نشا أبدع من تصفح صفحه وأعار النسيم من عرفه نفحه يستضئ المقتبس بجماله ويتبسم الزمان بكماله وله همة في تحصيل المعارف لم تزل ولا تزال سابغة المطارف حتى قرت به العيون ووفاه الدهر ما بذمته من الديون ولي فيه عدات وثيقة الزمام كامنات كمون النور في غض الكمام وقد حلف بالزيادة وعليه ان يبر يمينه فقاله للأقبال قابل وطله عند أهل المعرفة وابل وله أدب مغانيه فساح وشعر معانيه فصاح أثبت منه ما يتقد به السمع والطرف وتعلم أنه خالص العيار عند أهل النقد والصرف فمنه قوله في صدر رساله وهو أول شعر قاله
سلام مشوق قد تزايد وجده ... ودر ثناء قد تنظم عقده
وأزكى تحيات أخص بهديها ... اماماً علا فوق السماكين مجده
هو العالم النحرير علامة الورى ... سليل أولى التحقيق من خاب ضده
رفيع الذرى من خصه الله بالتقى ... رفيق العلى غوث الزمان وفرده
إليه يد التقصير أهدت تحية ... وأزكى سلام فاح في الكون نده
وأبدت إليه الاعتذار بأنها ... قريبة عهد النظم حياه عهده
فلا زال في أوج المكارم دائماً ... مدا الدهر ما روض المنى فاح ورده
وما مستهام الشوق أهدى جنابه ... سلام مشوق قد تزايد وجده
وقوله وقد أرسلها للشيخ صادق الخراط
أيا مربع الأحباب حييت من عهد ... ولا زلت مرعى للأحبة من بعدي
لقد خلفوني مغرماً وترحلوا ... أكابد شوقاً في الحشا زائد الوقد
أجيرتنا لا أوحش الله منكم ... لقد خنتم عهدي وملتم عن الود
الا هكذا الأحباب تنسى عهودهم ... ام الدهر بالهجران قد خصني وحدي
رويدك يا حادي الظعون بمهجة ... اذيبت بنيران التباعد والصد
ورفقاً بمن في الركب أوهنه الجوى ... ويصبو إلى تلك المعاهد من نجد
الا أين نجد بل وأين ظباؤها ... وأين كحيل الطرف من زاد في البعد