للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حميد رئيساً معتبراً صاحب وجاهة واحتشام مع حسن الملتقى وطلاقة الوجه ولطف الشكل مهاباً ضابطاً له على أنفاره غلبة وسطوة ولد بدمشق في سنة ست وعشرين ومائة وألف ونشأ بها في كنف والده الآتي ذكره في محله آغة الوجاق المذكور وقرأ القرآن وبعض المقدمات على الشيخ عبد الرحمن الكليسي نزيل دمشق وبعده قرأ شرح القطر للفاكهي على الشيخ إسماعيل العجلوني ثم الدمشقي وشرح الألفية لابن الناظم على الشيخ محمد الغزي الدمشقي مفتي الشافعية بها وقرأ الدرر والغرر وشرح التنوير في الفقه على الشيخ صالح بن إبراهيم الجينيني وقرأ المختصر على الشيخ حسن المصري نزيل دمشق في داره وكان يجئ الشيخ إليه ويحضر معه الشيخ خليل بن محمد الفتال والشيخ محمد بن إبراهيم العجلوني الدمشقي وقرأ التوضح والتلويح على الشيخ علي الأنطاكي نزيل دمشق وكذلك تعلم منه الفارسية وقرأ عليه بها وقرأ شرح ديوان المتنبي للواحدي على الأديب أحمد بن حسين باشا الكيواني الدمشقي وتخرج عليه في الأدب ومهر وتفوق وحصل له فضيلة ونظم الشعر قليلاً بالعربية والتركية وجمع كتباً نفيسة وتملكها وكان مجلسه يحتوي على الأفاضل والأدباء والمطالعة والمطارحة الأدبية ولما توفي والده استقام في داره بأهنى عيش ثم تولى بطريق المالكانة قرية معلولا النصارى وقرية عيتا وقرية غزة وقرية قبر الياس وغير ذلك من العقارات ودار والده الكائنة في محلة العقيبة تجاه جامع التوبة وكان له أخ يسمى مصطفى شجاعاً جسوراً قتل في بعلبك لأمور في سنة أربع وخمسين ومائة وألف ثم ان المترجم صار رئيساً على أوجاق الينكشرية بدمشق سنة سبع وخمسين وكان قبله رئيسهم محمد بيك بن الوزير كوسج خليل باشا واستقام رئيساً عليهم مدة ثلاثة عشر سنة مع الضبط والربط وحسن السياسة والتدبير وتنظيم أمور الأوجاق وحسن الرعاية وكأنت أعيان دمشق تحبه وتوده سيما والدي فكان يتخذه بمنزلة الأخ الشقيق وهو مرغوب لديهم لأسباب منها فضله وأدبه ومنها عفته وديأنته ومنها تربصه وعقله ومنها كماله وحسن أخلاقه ولم ير في وقته من يضاهيه في هذه الخصال ولو اجتمعت بأحدهم خصلة من ذلك كان خالياً عن الأخرى وكان الوزير أسعد باشا ابن العظم والي دمشق وأمير الحاج يعرف قدره ومقامه ويحبه ويوده وله عليه مزيد التفات وكان يتخذه في أموره عضد أو في أفعاله مشاراً وكأنت الأدباء تمدحه لمعرفة مقام الأدب والشعر وممن امتدحه الشيخ سعيد بن محمد السمان الدمشقي وكان من أخصائه فقال هذه القصيدة ممتحده بها حين عاد من الحج ومطلعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>