وقدس في الأرحام أصداف نوره ... وكيف وقد ضمت به الجوهر الفردا
إلى أن تجلى للوجود وأشرقت ... أسرته كالشمس والقمر الأهدى
وطافت به الأملاك شرقاً ومغرباً ... بلاغاً بأن الله قد صدق الوعدا
فلاح عمود الحق وانبلج الهدى ... وأقشع ليل الشك من بعد ما اشتدا
وقام بنا والحمد لله داعاً ... إلى الحق مختاراً لنا العيشة الرغدا
فلبته من أقصى الشعوب سرائر ... وناجته أرجاء بالسنة الأصدا
وجدد من نجوى الست بربكم ... وقول بلى منا الوثائق والعهدا
وأنهلنا ورداً من الأمن سائغاً ... وأكسبنا فضلاً وأوسعنا رفدا
وهب إلى تأييده كل أروع ... تدرع بالايمان محكمة سردا
أتوا بقلوب آنست بمحمد ... مشارع دين الله قد عذبت وردا
حموه ببأس لا يفل وعزمة ... تصدع ان لاقوا بها حجراً صلدا
وكل دقيق الساق أجرد فوقه ... أشم حديد المتن يفترس الاسدا
وسمر لدى الهيجاء بيض فعالها ... وبيض غداة الروع سود الأعدا
ليوث وغى يوم الهياج رأيتهم ... وقد ثبت الأقوام أثبتهم جندا
وكيف وفيهم أكرم الخلق من سما ... إلى السبع مختاراً فجاوزها فردا
بحيث توارى عنه جبريل وارتقى ... معارج قد عزت على غيره بعدا
وصار لمجلي قاب قوسين الغا ... من القرب أو أدنى فأدرك ما استجدى
نبي هدى لولاه ما نال آدم ... سجال الرضى مما أصاب وما أبدى
وما خمدت نار الخليل التي غدت ... تشب ولا كانت سلاماً ولا بردا
ولا أنس النور ابن عمران عندما ... تجلى له من جانب الطور فانهدا
ولا شملت من قبل قبضة نوره ... سرائر أهل العزم فامتلأت رشدا
فيا خير من تحيى القلوب بذكره ... وتأمن من بعد الهداية أن تصدى
وأوضح من أبدى وأشرف من هدى ... وأصدق من أدى وأكرم من أسدى
قصدتك والجاني المفرط هل يرى ... سواك إذا اشتدت مسالكه قصدا
وليس لنا الا رجاؤك عدة ... إذا اقتدحت أيدي الخطوب بنا زندا
وأطلعنا اليوم العبوس وكلنا ... هناك حيارى لا غشاء ولا بردا
وقد نضت الآمال فضل قناعها ... وفاجأنا وجه الصحائف مسودا
وأنت على نهج الحقيقة واقف ... تشاهد ما أخفى القضاء وما أبدى
بحيث لواء الحمد يخفق والورى ... تلوذ به مستشرفين بك الخلدا