ومداحهم وكاتبهم وغالب قصايده في مدحهم وأنزلوه منهم المنزلة الرحبة والمكانة العلية وقاموا بلوازمه ومعاشه إلى أن مات بدمشق وكان اشتهاره في الأدب والكتابة ورأيت بخطه كتباً كثيرة وخطه مقبول وترجمه السيد الأمين المحبي في نفحته وقال في وصفه حرفته الدواة والقلم ولديه في البراعة تلقى أعنة السلم وله طبع سبكت تبره الأيام وصقلت حديد ذهنه من صدا الأوهام بوجه فيه الفلاح يتوسم كأنه در يوقده ثغر تبسم وقد أوقفني من شعره على ملح غضة الشفوف فجردت منها كل بيت كان الحسن عليه موقوف ثم ذكر له من شعره وأنا أطلعت على ديوانه فأثبت هنا منه ما استجليته واستحليته فمن ذلك قوله
أدر الكاس من جفونك صرفاً ... فهي لا شك تصرف الهم صرفا
وأسقنيها حتى ترى كل عضو ... في ذا منطق يجيدك وصفا
يا بديع الزمان حساً ومعنى ... وفريد الا وان حسناً وظرفا
ومعيراً لعزال لحظاً وجيداً ... ونفاراً والبان قداً وعطفا
بالذي زاد مقلتيك احوراراً ... وفتوراً يسبي العقول وحتفا
والذي قد أعار خصرك مني ... سقماً ثم زاد ردفك عسفا
قم بنا لعدمت مثلك خلا ... نختطف لذة الشبيبة خطفا
حيث رق النسيم واعتدل الوقت ... وعنا طرف الحوادث أغفى
في رياض بها البنفسج يروي ... عن شذا صدغك الممسكن عرفا
قد كساها الربيع حلة وشى ... فهي تحكي رياض خديك لطفا
وانتهز فرصة المسرة واركب ... نحوها من سوابق اللهو طرفا
واجعل الورد والأزاهر فرشاً ... عبقرياً ووارف الظل سجفا
وانثر الدر من حديثك حتى ... أتخذه عقداً وقرطاً وشنفا
فهو يغني عن مطربات الأغاني ... وقيان يطربن عوداً ودفا
وأجزني بأن أقبل خديك ... ثلاثاً وأرشف الثغر رشفا
عل أن تنطفي لواعج قلبي ... ويقيناً أظنها ليس تطفى
أيها الأغيد الذي ترك القلب ... حبيساً على الصبابة وقفا
فتنتني لواحظ منك ما تنفك ... تتلو من سحرها روت صحفا
كلما زدت في المحاسن ضعفاً ... زدت من لوعتي نحولاً وضعفا
فوحق الهوى وعيش تقضى ... وزمان من صفو ودي أصفى