بها بعض العلوم وقرأ على بعض المحققين ثمة ولما توفي أحمد البقاعي نزيل اسلامبول أخذ وظائفه ووجهت عليه لموته عن غير ولد وكانت على البقاعي نصف قرية بسيما من نواحي دمشق بطريق المالكانة فوجهها الوزير محمد راغب باشا صدر الدولة إذ ذاك للمترجم أيضاً والسبب في إعطائها له إنشاء المترجم مكتوباً عن لسان الوزير المذكور إلى شريف مكة فوقع عند الوزير موقع الهيبة والقبول وقابله بالمالكانة المزبور وصارت له رتبة الخارج من شيخ الاسلام المولى فيض الله دامادزاده مفتي الدولة ثم لم يزل يتنقل إلى أن صارت له رتبة ابتداء التمشلي في دمشق وأعطى قضاء جبلة على طريق الاربلق بسعي وهمة من المولى إسحق منلاجق زاده قاضي العساكر في روم ايلي لكون المترجم من اخصائه ومنسوبيه وتولى بدمشق القسمة العسكرية ونيابة محكمة الباب مراراً وفي آخر أمره ترك ذلك ولازم العالم الشيخ عمر البغدادي نزيل دمشق وتلمذ له وأخذ عنه وقرأ عليه التصوف وحضره في التفسير وغيره إلى أن مات وكان رحمه الله إذا حضر بمجلس يبدي الحكايات المستظرفة والنكات اللطيفة وبالجملة فقد كان من الأفاضل والأدباء وله شعر حسن فمن ذلك قوله مشطراً قصيدة العارف بالله محمد بن إسرائيل الدمشقي ومطلعها
غنها باسم من إليه سراها ... كي تراها تطير في مسراها
واذكر المنزل الشريف لديها ... تغن عن حثها وجذب براها
ثم عدها عيون حمزة وردا ... تعد شوقاً إلى شفاء جواها
فلديها تلك المناهل تروى ... فهي تشفى لا ماء صدى صداها
طالعات من الثنايا سراعا ... تتهادى والشوق قد انضاها
ليس تثنى عن المنازل عزما ... لو تبدى لها الردى ما ثناها
ناجيات من المفاوز نصبا ... ناصبات آذانها لحداها
قد أماطت أزمة الصبر عنها ... والمطايا نجاتها في نجاها
جاعلات ريف الشآم وراء ... منذ شامت من طيبة أضواها
وترامت تفلي الفيافي شوقاً ... حين أمت من الحجاز هواها
قد وصلن الهجير والآل قصدا ... قاطعات من الغرام كراها
ثم واصلن يومها بالليالي ... وهجرن الظلال والأمواها
كلما خفن في القفار ضلالاً ... حفها النور فاهتدت بسراها
ماذا ضلت المفاوز يوماً ... لاح برق من طيبة فهداها
حيث نور الهدى بلوح سناه ... ورياح الندى يفوح شذاها