واذكر أياماً نقضت وما انقضت ... لبانات صب في الهوى وديون
زماناً به غصن الشبيه يانع ... به العيش غض والشباب يزين
يدير حميا الراح في كأس ثغره ... أغر بأحياء النفوس ضمين
يميل به سكر الدلال وينثني ... ولا عجب إن الغصون تلين
نبيت نشاوي الراح من غير مأثم ... وقد غض من طرف الزمان جفون
يقول أصيحابي الذين عهدتهم ... ولي منهم عهد الوفا ويمين
تولهت ماذا الوجد والدمع والأسى ... على طلل إن الجنون فنون
وليس بها الا أثافي وأشعث ... يناجيك مشجوج الجبين مهين
نعم وصدى يصدي الفؤاد مجاوباً ... يقول حنين إذ تقول حنين
فقلت وفي الأحشاء من لوعة الجوى ... ضرام وداء العاشقين كمين
لحا الله من ينهى المحبين في الهوى ... أما علموا إن الكمين مكين
وإن الذي يهوى صمام وعذلهم ... طنين وهل يجدي الأصم طنين
وإن لي السلوان عنها ولي بها ... مواقف مع آرامها وشؤون
يعز علينا والحوادث جمة ... أحبتنا إن العزيز يهون
وإنا لنختار التأسي على الأسى ... على إن ما يقضي فسوف يكون
وما زال هذا الدهر يبدي عجابه ... ويصمي وإن بت اليمين يمين
لئن لم يتب هذا الزمان وينتهي ... ويرجع قسراً لو تقر عيون
ليزري ويستعدي عليه بباذح ... برفع ظلامات العتاب يدين
صعود إلى العلياء لا متقاعساً ... بحزم وعزم والوقار قرين
سرى لتشبيه المعالي بفيلق ... يئط زئيراً والرماح عرين
فتى ليس فيه ما يشين كما له ... سوى البذل إن كان السخاء يشين
نعم وسراه بالمقانب في دجى ... من النقع كيما للطغاة يهين
فلا زال مناح الأماني ومعقلاً ... لصون المعالي والكريم يصون
وله أيضاً
ما لصبابتي فيك انتهاء ... كما السلوان ليس له ابتداء
أما إن الوفاء لذي شجون ... وفى بالعهود له وفاء
حليف جوى فلا ينسى فيسلو ... فكيف به وقد عزا العراء
إذا ما الليل جن عليه شبت ... لو أعجه وزاد به العناء
يبيت مسهد الأجفان يدعو ... وهل يجدي لذي وله دعاء