للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالماء جسما غير إن فؤاده ... أضحى على أهل الهوى جلمودا

تزداد من فرط الحياء خدوده ... عند استماع تأوهي توريدا

لو أبصروا النصاح فائق حسنه ... عذلوا العذول وجابوا التفنيدا

أو لو رآه راهب من بيعة ... ألقى الصليب ولازم التوحيدا

كم ذا تذكرني العقيق خدوده ... والطرف حاجر والعذار زرودا

وإذا بدا متلفتاً من عجبه ... بالجيدا ذكرني طلاه الغيدا

ما الظبي أحسن لفتة من جيده ... عند النفار وإن أقام شهودا

يحمي اللمى والخد عقرب صدغه ... عن وارد أو من يروم ورودا

قد رق منه الخصر حتى خلته ... عند اهتزاز قوامه مفقودا

ما خلقه الا النسيم السري ... بين الرياض وإن أطال صدودا

قال الأمين المحبي قلت ولولا إن قصدي استجلاب الثناء لهذا الفاضل الأديب لضنيت بهذه الأبيات خوفاً من أن لا يراعي حقها عند أهل التأديب ولوددت لو علقت في جبهة الاسد الكاسر أو ضمت للنيرات في الفلك العاشر وقد عارض بها الأبيات المشهورة المنسوبة إلى محمد الشهير بعبد الله وهي قوله

غصبوا الصباح فقسموه خدودا ... وتناهبوا قضب الأراك قدودا

وتظافروا بظفائر أبدت لنا ... ضوء النهار بليلها معقودا

صاغو الثغور من الأقاح وبينها ... ماء الحياة قد اغتدى مورودا

وراوا حصى الياقوت دون نحورهم ... فتقلد وأشهب النجوم عقودا

واستودعوا حدق المها أجفانهم ... فسوا بهن ضراغماً واسودا

لم يكفهم خد الأسنة والقنا ... حتى استعاروا أعيناً ونهودا

روى مسنداً إلى أبي عمرو بن شامل المالقي قال لقيت يوماً الشيخ الخطير أبا محمد ابن المالقي وكان رجلاً صالحاً مجاب الدعوة فقال لي أنشدني فأنشدته الأبيات المنسوبات إلى محمد الشهير بعبد الله وهي هذه المذكورة قال فلما أممتها صاح الشيخ وأغمى عليه وتصبب عرقاً ثم أفاق بعد ساعة وقال يا بني اعذرني فشيئان يقهراني ولا أملك عندهما نفسي النظر إلى الوجه الحسن والشعر المطبوع وبيت النهود مما يكثر السؤال عنه وقد رأيت في شعر ابن عمار الأندلسي ما هو مثله وهو قوله

كف هذا النهد عني ... فبقلبي منه جرح

وهو في صدرك نهد ... وهو في صدري رمح

وأنا لم أدرك وجهه ثم رأيت في شعر ابن خلوف ما يبينه بعض البيان وهو قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>