العزل أسيراً فندم ندم الفرزدق حين طلق نوار وكان ما بناه من الاقتراف على شفا جرف هارفاً نهار ثم لاذ ببعض الأفاضل وتلمذ له وحسن له ما زخرفه من دهاه وسوله فشن عليه غارة دبرها بمكره الذي ما تعداه واستأصل وظائفه وما ملكت يداه فكانت قوام معاشه وسبب انقاذه من أنياب الفقر وانعاشه وأراد أن يتفهق فتصوف ولم يدر في أي حالة تصرف فجمع بين الأروى والنعام وظمئ من اللج الذي فيه عام وطال حتى كأنه من السدنة الذين يسترقون السمع وراض في ملعب خده على نهضة سوابق الدمع وصار مدمنة تقريع ومجلبة توبيخ مريع وله شعر لم يتناسب طرفاه يقول من سمعه فض الله فاه انتهى مقاله وقد أكثر في ذمه كعادته في غالب تراجمه ومن شعر المترجم قوله من قصيدة
ظفرنا بما نهوى وقد حفنا السعد ... فحي على حي المسرة يا سعد
وطابت نفوس الأنس منا وأعلنت ... صوادح أطيار الهناطر باتشدو
وخابت ظنون الحاسدين فأصبحوا ... حيارى يخزي لا يعيدوا ولا يبدوا
وحاق بأهل المكر سئ مكرهم ... وقد خمدت نار لها منهم وقد
زويدكم مهلاً بني المهد إنكم ... أسارى بحجر الحجر ما عندكم رشد
أسامة لما فارق الغاب جاءه ... ثعالة جهلاً وافداً وله وأد
ولم يدر أن الغاب ما غاب ربه ... بهجر ولكن كي يكون له وبد
ورب أناس تظهر الود ريبة ... وحشو الحشا منها لقد سجر الحقد
يخيل منها فاسد الفكر مأملا ... وظنوا بأن الهزل يعقبه الجد
ومن بلغ أعقاب الأمور فإنه ... جدير بما قالوا وليس له رد
وهيهات أن يحظوا إذا اشتد هائل ... بمثل حليم دأبه الجود والمجد
منها
فآب بحول الله والنصر قائداً ... يحف به واللطف في ركبه يحدو
وقد جاء نصر الله والفتح مورد ... ترى الناس فوجا بعد فوج لها ورد
ومن صادف البحر الخضم سعي له ... ولا يظمئنه جعفر لا ولا ثمد
ومنها
ولا زلت في برد السيادة رافلاً ... مدى الدهر لا منع يعوق ولا صد
ودم في أمان الله والعز منشداً ... ظفرنا بما نهوى وقد حفنا السعد
وقد أنشده أخوه السيد أحمد قوله
دع الخلاعة في حب الحسان وذم ... أسير علم وأمعن في مطالعته