أولاً عارضاً له فزاد حتى منعه من السماع بالكلية بحيث صار الناس يخاطبونه بالاشارة فحصل له من ذلك كدر عظيم فبادر للاستغاثة بالجناب الرفيع النبوي بألف بيت راجياً الشفاء من ذلك ببركتها وشرع فلم يتيسر له الاتمام وخطب مدة في جامع البهرمية نيابة عن بني الشيخ طه وسافر إلى طرابلس الشام ولاذقية العرب وقدم دمشق ووفد اليها مراراً واجتمع بوالدي وحباه من الاكرام والالتفات ما جاوز الحد والغايات وامتدحه بقصائد وأشعار كثيرة وجرى بينه وبين ادباء دمشق من المجاورات والمطارحات ما يفعم يقال أفعمه إذا ملأه بطون الصفحات وبالجملة فهو فريد عصره بالاختراعات الغريبة وفن التاريخ وسرعة النظم والارتجال في التاريخ ومن شعره مادحاً والدي ومهنياً له بالافتاء
أيا جلقاً لا زلت باسمة الثغر ... بصيب أفراح تدوم مدى الدهر
ولا برحت أنوار مجدك تنجلي ... مطالعها حسناً من اليمن واليسر
وما انفك مغناك يلوح مسرة ... ودوحة علياك مضمخة العطر
تسامت بقاع اليمن فيك بسادة ... لهم شرف يسمو على الأنجم الزهر
لهم في انتماء المجد خير أرومة ... وعلياهم تعلو على هامة النسر
ولا سيما منهم همام مكرم ... مجيد على الشأن مرتفع القدر
هو السيد السامي الرفيع مكانة ... من الفضل يستجلي المحامد بالشكر
ومن هو بالأصل الرفيع تشامخت ... مراتبه العليا إلى ذروة الفجر
لقد شرف الافتاء نير فضله ... ووفق أحكام المسائل في الذكر
وأودع أنواع العلوم براعة ... من الفضل لم تبرح بحضرته تجري
أما هو في عليا دمشق هلالها ... وكوكبها السامي على الكوكب الدري
كفى شرفاً إن المديح لمثله ... يطرز أنواع القريض من الشعر
ويزهو افتخاراً في نعوت كماله ... ويرتع في روض البلاغة في السر
خليلي بالعهد الذي تليت به ... صحائف آيات المحبة بالجهر
فنب عن بعيد الدار فضلاً ومنة ... بتقبيل أيد دونها صفة البحر
وبلغه عني أجزل المدح والثنا ... وخير دعاء لم يزل أمد الدهر
فلا زال محروس الجناب ممتعاً ... بإقباله يجني المكارم بالبشر
وقوله فيه
سعد السعود بدا إن زارني قمر ... بحسنه كل أهل الحسن قد قمرا
جوري وجنته الحمراء مزدهر ... وقد حوى وجهه في مهده الزهرا