خيال أتى والليل راع ظلامه ... فشرّد عن جفن المعني منامه
وراح وألقى في الحشا لاعج الهوى ... مقيم بقلبي حره وضرامه
وما حققته العين من فرط دهشتي ... بذاك المحيا وهو راخ لثامه
وقد قرحت بالسهد أجفان ناظري ... ودمعي على الخدّين طال انسجامه
فأصبح عما أشتكي لوعة الجفا ... وأمسى سروراً عل نحوي لمامه
إذا لاح برق في دجى الليل ساطع ... وتوهم طرفي أن ذاك ابتسامه
غزال رخيم الدل رخص بنانه ... له في الحشا مرعى وقلبي مقامه
يعير شموس الأفق من نوره كما ... يعير غصون البان ليناً قوامه
ويخجل بدر التمّ حسناً وطلعة ... وما البدر إلا عبده وغلامه
إذا ما نضا عنه القناع مخاطباً ... تقشع عن بدر الدياجي غمامه
يجرّد من سود اللواحظ أبيضا ... ليجرح قلبي لحظه وحسامه
له طرّة تبدي الدجى وجبينه ... يزيح عن الليل البهيم قتامه
وقامته كالرمح والسيف ناظر ... وحاجبه قوس رماني سهامه
بدير علينا راح ثغر قد انجلت ... بكأس عقيق قد حلا لي مدامه
وقد لامني الواشي على فرط حبه ... وأصعب شيء كان عندي ملامه
يروم سلوّي عن هواه وكيف لي ... وبين ضلوعي وجده وغرامه
لئن عز صبري عن لقاه فمخلصي ... بمدح الذي عم البرايا اهتمامه
وله من أخرى
قسماً بأني عهده لا أفسخ ... ولو أنه بالهجر وصلى ينسخ
بأبي وبي أفديه ظبي أغيد ... في حسنه بدر السماء له أخ
ريان من ماء الشباب وخدّه ... من مسك عارضه الأريج مضمخ
إن ماس أزرى بالعوالي قدّه ... وعلى غصون البان منها يجفخ
فكأن طرّته ونور جبينه ... ليل دجوجي منه صبح يسلخ
يرنو بألحاظ نوافث سحرها ... شهرت مواضي للعزائم تنسخ
علقت به روحي فعذب مهجتي ... بصدوده وعن التواصل يزمخ
ولقد كتمت هواه بين جوانحي ... إذ لم أجد لي للتلاقي مصرخ
يا للأخلا قد تزايد بعده ... عني وفي هجري تراه يرضخ
وأحل قتلة عاشقيه أما ترى ... خدّاله بدم القلوب يضمخ
كيف التخلص من هواه وقد غدا ... للحب في جنب المتيم مرسخ