المديني: أبو حنيفة روى عنه الثوري، وابن المبارك، وحماد بن زيد، وهشام، ووكيع، وعباد بن العوام، وجعفر بن عون وهو ثقة لا بأس به، وكان شعبة حسن الرأي فيه، وقال يحيى بن معين: أصحابنا (يعني: أهل الحديث) يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه، فقيل له: أكان يكذب؟ قال: لا.
وفي "طبقات شيخ الإسلام التاج السبكي"(١/١٨٨) ، الحذر كل الحذر أن تفهم أن قاعدتهم أن الجرح مقدَّم على التعديل، على إطلاقها، بل الصواب أن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه وندر جارحه، وكانت هناك قرينة دالّة على سبب جرحه من تعصب مذهبيّ أو غيره لم يُلتفت إلى جرحه، ثم قال أي التاج السبكي (طبقات الشافعية ١/١٩٠) بعد كلام طويل: قد عرفناك أن الجارح لا يُقبل فيه الجرح وإن فسّره في حقّ من غلبت طاعاته على معصيته، ومادحوه على ذامِّيه، ومزكُّوه على جارحيه، إذا كانت هناك قرينة تشهد بأن مثلها حامل على الوقيعة فيه من تعصب مذهبي أو مناقشة دنيوية، وحينئذ فلا يلتفت لكلام الثوري (قول الثوري وغيره في أبي حنيفة غير موجود في "الطبقات" المطبوعة، وهو موجود في "الخيرات الحسان": (ص ٧٤) نقلاً عن "الطبقات" فلعلها في بعض النسخ!) في (أبو حنيفة) ، وابن أبي ذئب وغيره في (مالك) ، وابن معين في (الشافعي) ، والنسائي في (أحمد بن صالح) ونحوه، قال: ولو أطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلاَّ وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون. انتهى.
وفيه (الخيرات الحسان في مناقب النعمان ص ٧٦) أيضاً في الفصل التاسع والثلاثين في رد ما نقله الخطيب في تاريخه من القادحين فيه (أي في أبي حنيفة رحمه الله تعالى (ش)) : علم أنَّه لم يقصد بذلك إلاَّ جمعَ ما قيل في الرجل على عادة المؤرِّخين، ولم يقصد بذلك انتقاصه، ولا حطّ مرتبته بدليل أنّه قدم كلام المادحين، وأكثر منه ومِن نَقْل مآثره، ثم عقبه بذكر كلام القادحين، ومما يدل على