للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في رسالتي "الكلام المبرور والسعي المشكور على رغم أنف من خالق الصحيح والجمهور"، وبعض الجروح صدر من معاصريه وقد تقرر في مقرِّه أن جرح المعاصر لا يُقبل في حق المعاصر، لا سيما إذا كانت لتعصب أو عداوة (قد بسطه المؤلف في كتابه الجرح والتعديل ص ١٨٩) ، وإلاَّ فليقبل جرح ابن معين في الشافعي، وأحمد في الحارث المحاسبي، والحارث في أحمد، ومالك في محمد بن إسحق صاحب حديث القُلّتين (قد استوفى المؤلف رحمه الله توثيق (محمد بن إسحاق) في كتابه (إمام الكلام) كل الاستيفاء حتى استوعب عشر صفحات: (ص ١٩٢ - ٢٠١)) ، والقراءة خلف الإِمام وغيرهم. كلا، والله لا نقبل كلامهم فيهم ونوفيهم حظهم، وبعض الجروح صدر من المتأخرين المتعصِّبين كالدارقطني، وابن عدي، وغيرهما، ممن تشهد القرائن الجلية بأنه في هذا الجرح من المتعسفين، والتعصب أمر لا يخلو منه البشر إلاَّ من حفظه خالق القُوى والقُدَر، وقد تقرر أن مثل ذلك غير مقبول من قائله، بل هو موجب لجرح نفسه، ولقد صدق شيخ الإِسلام بدر الدين محمود العيني في قوله في بحث قراءة الفاتحة من "البناية شرح الهداية"، في حق الدارقطني: من أين له تضعيف أبي حنيفة؟ وهو مستحِقّ للتضعيف، فإنه روى في "مسنده" أحاديث سقيمة، ومعلولة، ومنكرة، وغريبة، وموضوعة. انتهى،

وفي قوله في بحث إجارة أرض مكة ودورها: وأما قول ابن القطان: وعلّته ضعف أبي حنيفة، فإساءة أدب، وقلة حياء منه، فإن مثل الإِمام الثوري، وابن المبارك وأضرابهما وثّقوه وأثَنْوا عليه خيراً فما مقدار من يضعّفه عند هؤلاء الأعلام. انتهى.

وهناك خلق لهم تشدّد في جرح الرواة يجرحون الرواة من غير مبالاة ويدرجون الأحاديث الغير الموضوعة في الموضوعات، منهم: ابن الجوزي، والصغاني، والجوزقاني، والمجد الفيروزآبادي، وابن تيمية الحَرَّاني الدمشقي، وأبو الحسن بن القطان وغيرهم كما بسطته في "الكلام المبرم" و "الأجوبة الفاضلة" فلا يجترئ على قبول قولهم من دون التحقيق إلاَّ من هو غافل عن أحوالهم، ومنهم من عادتُهُ في تصانيفه كابن عدي في "كامله"، والذهبي في "ميزانه" أنه يذكر كل ما قيل في الرجل من دون الفصل بين المقبول والمهمل، فإيّاك، ثم إيّاك أن تجرح أحداً

<<  <  ج: ص:  >  >>