(٢) قوله: قد جاء في أكله اختلاف، أي وردت في جواز أكله وعدمه أحاديث مختلفة، فإن حديث ابن عمر وكذا حديث خالد المذكورَيْن سابقاً يدلاّن على الحِلّ من غير كراهة، وحديث عائشة وعليّ المذكورَيْن لاحقاً يدلان على النهي والكراهة، وإذا تعارضت الأخبار في الحلّ وعدمه رُجِّحت أخبار عدمه (قد جمع الشيخ في بذل المجهود ١٦/١٢١ بين هذه الروايات المتعارضة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباحه أولاً، ولكن ترك أكله تقذُّراً واعتذر بأنه لم يكن في أرض قومي فأجدني أعافه، ثم تردّد فيه باحتمال كونه من الممسوخات فلم يأمر فيه بشيء ولم ينه عنه، فكان في حكم الإِباحة الأصلية، ثم بعد ذلك نهى عنه فصار حراماً، وهذا الوجه أولى لأن فيه تغليب الحظر على الإِباحة) احتياطاً. قال بعض الأعلام في "شرح مسند الإِمام" (أي: تنسيق النظام ص ١٩٢) : أخرج أبو داود عن عبد الرحمن ابن شبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب. وفي إسناده إسماعيل بن عيّاش عن ضمضم بن زرعة عن عتبة عن أبي راشد عنه، قال الحافظ: وحديث (في الأصل هكذا. والظاهر أحاديث) ابن عياش عن الشاميين مقبولة، وهؤلاء ثقات شاميون، ولا يُلتفت إلى قول الخطابي: ليس بإسناده بذلك وبهذا تمسّك أبو حنيفة وأصحابه، وقالوا بامتناع أكل الضبّ، وقد وردت أحاديث في أكل الضّب بعضها تشتمل على النهي لعلة المسخ، وبعضها على أن النبي عليه السلام لم يأكل منه ولم ينه عنه، فمن الأول: ما أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني بإسناد رجاله ثقات عن عبد الرحمن بن حسنة: كنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأسفر، فنزلنا منزلاً أرضاً كثيرة الضباب فأصبنا ضبّاً وذبحنا، فبينما القِدْرُ