للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


يغلي إذ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن أمة من بني إسرائيل فُقدت وإني أخاف أن تكون هي، فاكْفَؤوها، فَكفأناها، وفي رواية: وإنا جياع.
ومن الثاني: ما أخرجه مسلم عن أبي سعيد أنّ أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني في غائط مُضِبة (قال الحافظ: مُضِبة - بضم أوله وكسر المعجمة - أي كثيرة الضباب. فتح الباري ٩/٦٦٣) وإنّه عامُّ طعام أهلي، فلم يجبه، فقلنا: عاوِدْهُ فعاودَهُ، فلم يجبه ثلاثاً ثم ناداه في الثالثة، وقال: يا أعرابي، إنّ الله لعن على سبطٍ من بني إسرائيل، فمسخهم دوابّ يدبّون على الأرض فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهى عنها. وعند أبي داود والنسائي من حديث ثابت بن وديعة نحو ذلك. فلما كانت الأحاديث في الضبّ كما ترى اختلف العلماء في أكله، فمنهم من حرّمه حكاه عياض عن قوم، ومنهم من كرهه وهو رأي أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ونقله ابن المنذر عن علي، ومنهم من قال بإباحة أكله، وهو قول الجمهور. وقالوا في الأحاديث التي ورد النهيُ فيها لعلّة المسخ ليس فيها ما يدل على الجزم بأن الضبّ ممسوخ، وإنما توقف في ذلك وهذا لا يكون إلا قبل أن يُعلم اللَّهُ نبيَّه أن الممسوخ لا ينسل، وبهذا أجاب الطحاوي، ثم أخرج عن ابن مسعود: سئل رسول الله عن القرود والخنازير وهي ممّا مُسخ. قال: إن الله لا يُهللك قوماً فيجعل لهم نسلاً، فلما عُلم أن الممسوخ لا نسل له وكان صلى الله عليه وسلم يستقذره فلا يأكله، ولا يحرمه وأكل على مائدته دل على الإِباحة وتكون الكراهة تنزيهية في حق من يتقذّره، ورجح الطحاوي إباحة أكله، ونقل الشيخ بيري زاده في "شرح الموطأ" لمحمد عن العيني أنه قال: الأصح أن الكراهة عند أصحابنا تنزيهية لا تحريمية للأحاديث الصحيحة أنه ليس بحرام

<<  <  ج: ص:  >  >>