للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


خيار الشرط. الثاني: أن المراد التفرُّق بالأبدان فلا يتمُّ البيع بدونها، وبه يلزم البيع، وهو قول ابن المسيّب والزهري وعطاء بن أبي رباح وابن أبي ذئب وسفيان بن عيينة والأَوْزاعي والليث بن سعد وابن أبي مُلَيكة والحسن البصري وهشام بن يوسف وابنه عبد الرحمن وعبد الله بن حسن القاضي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد ومحمد بن جرير الطبري وأهل الظاهر، وحدّ التفرق أن يغيب كل واحد منهما عن صاحبه حتى لا يراه، قاله الأَوْزاعي، وقال الليث: أن يقوم أحدهما، وقال آخرون: هو افتراقهما من مجلسهما، أو نقلهما. وحجتهم في ذلك بأنه ورد في الخبر لفظ: المتبايعين واسم البيع لا يجب إلاَّ بعد البيع، وسلفهم في ذلك من الصحابة: ابن عمر، فإنه حمل الحديث على التفرق بالأبدان، وأثبت به خيار المجلس، فكان إذا ابتاع بيعاً وهو قاعد، قام ليجب له، أخرجه الترمذي وغيره. وأبو برزة الأسلمي فإنَّ رجلين اختصما إليه فرس بعد ما تبايعا وكانا في سفينة، فقال: لا أراكما افترقتما، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، حكاه الترمذي، وأخرجه أبو داود والطحاوي وغيرهما. والقول الثالث: أن معناه التفرق بالأبدان، لكن لا على ما فهمه أصحاب القول الثاني، قال عيسى بن أبان معناه أن الرجل إذا قال لرجل: قد بعتك عبدي هذا بألف درهم، فللمخاطب بذلك القول أن يقبل ما لم يفارق صاحبه، فإذا افترقا لم يكن له بعد ذلك أن يقبل، قال: ولولا أن هذا الحديث جاء ما علمنا ما يقطع للمخاطب من القبول، فلما جاء هذا الحديث علمنا أن افتراق أبدانهما بعد المخاطبة بالبيع يقطع القبول، قال: وهذا أَوْلى ما حُمل عليه الحديث (قال شيخنا في الأوجز ١١/٣١٨: والأوجه عندي في معنى الحديث - إن كان صحيحاً فمن الله، وإن كان خطأ فمِنّي ومن الشيطان - أن المراد بالتفرق هو التفرق بالأبدان، والمراد بالمتبايعين المتساومان، والحديث من باب خيار القبول في المجلس، والمعنى أن كل واحد منهم بالخيار في المجلس، البائع في النُّكول عن الإِيجاب والمشتري في القبول، فإذا انقضى المجلس فلم يبقَ الإِيجاب ولا حقُّ القبول، فتأمل. ثم رأيت الحافظ قد حكاه عمن سلف فللَّه الحمد والمنَّة، فقال: وقالوا: وقت التفرق في الحديث هو ما بين قول البائع قد بعتك وبين قول المشتري اشتريت، قالوا: فالمشتري بالخيار في قوله: اشتريت أو تركه، والبائع بالخيار إلى أن يوجب المشتري، هكذا حكاه الطحاوي عن عيسى بن أبان منهم، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك. اهـ) ، لأنّا رأينا الفرقة التي لها حكم فيما اتفقوا عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>