للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ (١) لَهُ: أَمَا يُجْزيك الغُسلُ مِنَ الْوُضُوءِ (٢) ؟ قال: بلى (٣)


= ابن عمر في سفر فرأيته بعد أن طَلَعَتْ الشمس توضَّأ ثم صلّى، فقلت له: إن هذه الصلاة ما كنت تصليها، قال: إني بعد أن توضأت لصلاة الصبح مسست فرجي، ثم نسيت أن أتوضأ، فتوضأت وعدتُ لصلاتي. وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار": لم نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتى بالوضوء منه غير ابن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة. انتهى.
أقول: ليس كذلك فقد علمنا أن جمعاً من الصحابة أفتى بمثله، منهم عمر بن الخطاب، وأبو هريرة على اختلافٍ عنه، وزيد بن خالد الجُهني، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وسعد بن أبي وقاص في رواية أهل المدينة عنه، كذا في "الاستذكار" وفيه أيضاً: ذهب إليه من التابعين سعيد بن المسيب في رواية عبد الرحمن بن حرملة رواه عنه ابن أبي ذئب وحاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن عنه: أن الوضوء واجب على من مسّ ذكره، وروى ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب: أنه كان لا يتوضأ منه. وهذا أصح عندي من حديث ابن حرملة، لأنه ليس بالحافظ عندهم كثيراً. وكان عطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وأبان بن عثمان، ومجاهد، ومكحول، الشّعبي، وجابر بن زيد، والحسن، وعكرمة، وجماعة من أهل الشام والمغرب كانو يَرَون الوضوء من مسّ الذكر وبه قال الأوزاعي والليث بن سعد الشافعي وأحمد وإسحاق، واضطرب قول مالك، والذي تقرر عنه عند أهل المغرب من أصحابه أن من مَسّ ذَكره أمره بالوضوء ما لم يصلِّ، فإن صلى أمره بالإعادة في الوقت فإن خرج فلا إعادة عليه. انتهى.
(١) أي ابنه سالم.
(٢) أي أما يكفيك لا سيما مع سبق الوضوء الذي هو السنة.
(٣) أي يجزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>