للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة (١) - رحمه الله -


الأرض، واحتجوا في ذلك بما وصفه يحيى بن سعيد في حديثه من القعود، وبقول عبد الله بن عمر في حديث عبد الرحمن أن تلك سُنَّة الصلاة. انتهى. إلاّ أن يُقال: قد روى النسائي، عن يحيى، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه أنه قال: من سنة الصلاة أن تضجع رجلَك اليسرى وتنصب اليمنى، وفي رواية له بالطريق المذكور: من سُنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس على اليسرى. فهذا يكشف لك أن المراد بالثَني في رواية مالك وغيره المختصرة هو عطفها والجلوس عليها، وأما ما أراه القاسم يحيى من صفة القعود وأسنده عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أن أباه كان يفعل ذلك فهو محمول على الهيئة التي كان ابن عمر يقعد عليها بسبب العلة وعدم حمل رجله القعدة المسنونة، لكن يبقى حينئذٍ أنه يخالف ما ورد في رواية مالك وغيره أن القعود الذي كان ابن عمر يرتكبه لأجل العلة هو التربع، وهو مستعمل في معنيين:
أحدهما: أن يخالف بين رجليه فيضع رجله اليمنى تحت ركبته اليسرى ورجله اليسرى تحت ركبته اليمنى، والثاني: أن يثني رجليه في جانب واحد فتكون رجله اليسرى تحت فخذه وساقه اليمنى ويثني رجله اليمنى فتكون عند أليته اليمنى، كذا ذكره الباجي في "شرح الموطأ"، وقال: يشبه أن يكون هذه أي الأخيرة هي التي عابها ابن عمر على رَجُل تربَّع، وما أراه القاسم يحيى فيه نصب اليمنى فهو ليس بتربع، بأي معنى أُخذ فلا يمكن حمله على قعود ابن عمر للعلة (قلت: يمكن حمله على ذلك لأن ابن عمر لأجل شكوى في رجله يجلس كيفما تيسّر عليه، طوراً يجلس مُقعياً، وطوراً يجلس متربعاً، ويجلس متوركاً، وإن الجالس المعذور يجلس كيفما تيسر عليه، "أوجز المسالك" ٢/١٢٣) .
(١) قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال ابن المبارك والثوري وأهل الكوفة ذكره الترمذي، وذكر ابن عبد البر أنه مذهب حسن بن حيّ، وكذلك قال الشافعي في الجلسة الوسطى، وقال في الأخيرة: إنه إذا قعد في الرابعة أماط رجليه جميعاً

<<  <  ج: ص:  >  >>