قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، الْقِرَانُ (١) أَفْضَلُ، كَمَا قال عبد الله بن
(١) قوله: القران ... إلى آخره، اختلفوا في أيُّها أفضل (أي مع الاتفاق على جواز الكل، قال النووي: اختلف العلماء في هذه الأنواع الثلاثة أيها أفضل، فقال الشافعي ومالك وكثيرون: أفضلها الإِفراد ثم التمتُّع ثم القِران. وقال أحمد وآخرون: أفضلها التمتُّع، وقال أبو حنيفة وآخرون: أفضلها القران. وهذان المذهبان قولان آخران للشافعي. شرح مسلم للنووي ٣/٣٠١) بحسب اختلافهم فيما فعله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، فمذهب الشافعية والمالكية أنَّ الإِفراد أفضل بشرط أن يعتمر من عامه لأنه صلى الله عليه وسلم اختاره أولاً، ولأن رواته أخصُّ به صلى الله عليه وسلّم في هذه الحجة فإن منهم جابر، وهو أحسنهم سياقاً لحجه صلى الله عليه وسلم، ومنهم ابن عمر، وقد قال: كنت تحت ناقته يمسني لُعابها أسمعه يلبِّي بالحج، وعائشة وقُربها منه واطِّلاعها على باطن أمره وعلانِيَتِه كله معروف مع فقهها، وابن عباس وهو بالمحل بالمعروف من الفقه والفهم الثاقب، ورجَّحه الخطابي أيضاً بأن الخلفاء الراشدين واظبوا عليه، قال: ولا يُظَنُّ بهم المواظبة على ترك الأفضل، وبأنه لم يُنقل عن أحد منهم أنه كره الإِفراد وقد نقل عنهم كراهة التمتُّع والقران، وبأن الإِفراد لا يجب فيه دم بالإِجماع بخلاف التمتع والقران. انتهى. قال الحافظ: وهذا ينبني على أن دم القران دم جُبران، وقد منعه من رجَّح القران، وقال: إنه دم فضل وثواب كالأضحية، وقال عياض نحو ما قاله الخطابي، وزاد: وقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه صلى الله عليه وسلّم كان مفرداً، وأما رواية من روى أنه كان متمتعاً فمعناه أنه أمر به لأنه صرح بقوله: ولولا أن معي الهدي لأحللتُ، فصحَّ أنه لم يتحلل. وأما رواية من روى القران فهو إخبار عن آخر أحواله لأنه أدخل العمرة على الحج لمَّا جاء إلى الوادي أي وادي العقيق، وقيل له: قل عمرة في حجة. انتهى. قال الحافظ: هذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديماً ابنُ المنذر وبيَّنه ابن حزم في حجة الوداع بياناً شافياً، ومهَّده المحبُّ الطبري تمهيداً بالغاً يطول ذكره، ومحصّله أنَّ كلَّ من رَوى عنه الإِفراد حمل على ما أَهَلَّ به في أول الحال، وكل من روى