للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عبد الله: "يا عمرو إن أُقتل فرجل أسلمه١ قومه، وأدركه يومه، أفلا كان هذا منك إذ تحيد عن القتال، ونحن ندعوك إلى النزال، وأنت تلوذ بشمال النطاف٢، وعقائق الرصاف٣، كالأمة السوداء، والنعجة القوداء٤ لا تدفع يد لامس".

فقال عمرو: "أما والله لقد وقعت في لهذم٥ شدقم للأقران ذي لبد، ولا أحسبك منفلتا من مخاليب أمير المؤمنين".

فقال عبد الله: "أما والله يابن العاص، إنك لبطر في الرخاء، جبان عند اللقاء، غَشُومٌ٦ إذا وليت، هياب إذا لَقِيتَ، تهدر٧ كما يهدر العود المنكوس، المقيد بين مجرى الشول، لا يستعجل في المدة، ولا يرتجى في الشدة، أفلا كان هذا منك، إذا غمرك أقوام لم يعنفوا صغارًا، ولم يمزقوا كبارًا. لهم أيد شداد، وألسنة حداد،


١ خذله.
٢ النطاف جمع نطفة "كفرصة" وهي الماء الصافي، قل أو كثر، وفي الحديث: "قطعنا إليهم هذه النطفة" أي البحر وماءه، وفي حديث علي: "وليمهلها عند النطاف والأعشاب" يعني الإبل والماشية، يريد أنها إذا وردت على المياه والعشب يدعها لترد وترعى.
٣ الرصفة بالتحريك الحجارة التي يرصف بعضها إلى بعض في مسيل، فيجتمع فيها ماء المطر، والعقائق: الغدران، يقال لكل مسيل شقه ماء السيل فأنهره ووسعه عقيق، والجمع أعقة وعقائق، وقيل: العقائق هي الرمال الحمر.
٤ مؤنث الأقود: وهو الذلول المنقاد.
٥ جمع لهذم كجعفر: وهو القاطع من الأسنة،
والشدقم: الأسد، والواسع الشقد، وشدقم للأقران أي أسد مبتلع للأقران، واللبد جمع لبدة بالكسر، ولبدة الأسد: ما تلبتد من شعره على منكبيه، وكنيته "ذو لبدة" ويكنى أيضًا أبا الأبطال، وأبا شبل، وأبا العباس، وأبا الحارث، وأبا حفص، وأبا الزعفران.
٦ ظلوم، غشمه كضربه غشما ظلمه.
٧ هدر البعير وهدر بالتشديد: صوت، وفي المثل "كالمهدر في العنة" والعنة بضم العين وتشديد النون: الحظيرة. يضرب لمن يصيح ويجلب ولا ينفذ قوله ولا فعله، كالبعير يحبس في الحظيرة ممنوعا من الضراب وهو يهدر، والعود: المسن من الإبل، والمنكوس: الذي عاوده المرض بعد النقه، والشول جمع شائله، وهي من الإبل ما أى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فجف لبنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>