للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعمون العَوَج١، ويذهبون الحَرَج٢، يكثرون القليل، ويشفون الغليل، ويُعزُّون الذليل

فقال عمرو: أما والله لقد رأيت أباك يومئذ تخفق٣ أحشاؤه، وتبق٤ أمعاؤه وتضطرب أصلاؤه٥، كأنما انطبق عليه ضمد٦".

فقال عبد الله: "يا عمرو، إنا قد بلوناك ومقالتك، فوجدنا لسانك كذوبًا غادرًا، خلوت بأقوام لا يعرفونك، وجند لا يسأمونك، ولو رمت المنطق في غير أهل الشام، لجحظ٧ إليه عقلك، ولتلجلج لسانك، ولاضطرب فخذاك اضطراب القعود٨ الذي أثقله حمله".

فقال معاوية: "إيها٩ عنكما، وأمر بإطلاق عبد الله، قال عمرو لمعاوية:

أمرتك أمرا حازما فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم

أليس أبوه "يا معاوية" الذي ... أعان عليا يوم حز الغلاصم١٠

فلم ينثني حتى جرت من دمائنا ... بصفين أمثال البحور الخضارم١١

وهذا ابنه، والمرء يشبه سنخه ... ويوشك أن تقرع به سن نادم١٢


١ العوج: بالفتح، في كل ما كان منتصبا مثل الإنسان والعصا والعود وشبهه، والعود: بالكسر، ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين، وقيل بالفتح مصدر وبالكسر اسم منه، ودعمه "كمنعه" مال فأقامه.
٢ حرج صدره كفرح حرجا: ضاق.
٣ تضطرب.
٤ تخرج، بق النبت بقوقا: طلع.
٥ جمع صلا بالفتح: وهو وسط الظهر من الإنسان ومن كل ذي أربع، وقيل: هو ما انحدر من الوركين.
٦ ضمد جرحه: شده بالضماد والضماد "بالكسر" أي العصابة، والجمع ضمد ككتب.
٧ من جحظت العين جحوظا: إذا برزت مقلتها، والمراد اضطرب عقلك وشرد ولم يسلس لك قياد التفكير.
٨ القعود من الإبل: الذي يقتعده الراعي في كل حاجة.
٩ أمر بالسكوت.
١٠ الغلاصم: جمع غصلمة بفتح الغين والصاد، وهي رأس الحلقوم -الموضع الثاني في الحلق- أو أصل اللسان.
١١ الخضارم جمع خضرم بكسر الخاء والراء: البحر العظيم، وإثبات الياء في يتثنى مع الجازم لغة أو الضرورة أو إشباع والحرف الأصلي محذوف للجازم.
١٢ قرع فلان سنه: حرقه ندمًا "حرق نابه -كنصر وضرب- سحقه حتى سمع له صريف" وسكن الفعل للضرورة، والسنخ: الأصل من كل شيء، "وفي الأصل شيخه وهو تصحيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>