للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشدة في غير عنف، وإني أقسم بالله لآخذن الولي١ بالمولى، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم، حتى يلقى الرجل منكم أخاه، فيقول: "انج سعد فقد هلك سعيد٢" أو تستقيم لي قناتكم، إن كذب المنبر بلقاء٣ مشهورة، فإذا تعلقتم علَيّ بكذبة فقد حلت لكم معصيتي٤، فإذا سمعتموها مني فاغتمزوها٥ في، واعلموا أن عندي أمثالها، من نقب منكم عليه فأنا ضامن لما ذهب منه٦ فإياي ودلج الليل، فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه، وقد أجلتكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبرُ الكوفة ويرجعُ إليكم٧، وإياي ودعوى الجاهلية٨، فإني لا أجد أحدًا دعا بها إلا قطعتُ لسانه، وقد أحدثتم أحداثًا لم تكن، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة، فمن غَرَّقَ قومًا غرقناه، ومن أحرق قومًا أحرقناه، ومن نقب


١ الولي: السيد، والمولى هنا: العبد.
٢ سعد وسعيد هما ابنا ضبة بن أدّ خرجا في طلب إبل لأبيهما؛ فوجدها سعد فردها وقتل سعيد "فكان ضبة إذا رأى سوادًا تحت الليل قال: سعد أم سعيد؟.
٣ من البلق بالتحريك: وهو ارتفاع التحجيل في الفرس إلى الفخذين "والتحجيل: بياض في قوائم الفرس"، والفرس البلقاء مشهورة لتميزها عما سواها ببلقها.
٤ في الطبري "قال الشعبي: فوالله ما تعلقنا عليه بكذبة، ولا وعدنا خيرًا ولا شرًّا إلا أنفذه".
٥ عُدُّوها من عيوبي، واغتمزه: طعن عليه.
٦ في الطبري: "وكان زياد أول من شدَّ أمر السلطان، وأكد الملك لمعاوية، وألزم الناس بالطاعة، وتقدم في العقوبة، وجرد السيف، وأخذ بالظنة، وعاقب على الشبهة، وخافه الناس في سلطانه خوفًا شديدًا، حتى أمن الناس بعضهم بعضًا، حتى كان الشيء يسقط من الرجل أو المرأة؛ فلا يعرض له أحد، حتى يأتيه صاحبه؛ فيأخذه، وتبيت المرأة فلا تغلق عليها بابها، وساس الناس سياسة لم يُرَ مثلها، وهابه الناس هيبة لم يهابوها أحدًا قبل، وكان يقول: "لو ضاع حبل بيني وبين خراسان علمت من أخذه".
٧ في الطبري: "استعمل زياد على شرطته عبد الله بن حصن؛ فأمهل الناس حتى بلغ الخبر الكوفة وعاد إليه وصول الخبر إلى الكوفة، وكان يؤخر العشاء حتى يكون آخر من يصلي، ثم يصلي، يأمر رجلًا يقرأ سورة البقرة ومثلها، يرتل القرآن؛ فإذا فرغ أمهل بقدر ما يرى أن إنسانًا يبلغ الخريبة "كجنينة موضع بالبصرة يسمى البصيرة الصغرى"، ثم يأمر صاحب شرطته بالخروج فيخرج، ولا يرى إنسانًا إلا قتله فأخذ ليلة أعرابيًّا، فأتى به زيادًا، فقال: هل سمعت النداء؟ قال: لا والله، قدمت بحلوبة لي، وغشيني الليل فاضطررتها إلى موضع، فأقمت لأصبح، ولا علم لي بما كان من الأمير، قال: أظنك والله صادقًا، ولكن في قتلك صلاح هذه الأمة، ثم أمر به فضربت عنقه".
٨ قولهم: يا لفلان، والغرض مناصرة العصبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>