للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُبْحَ نُصحي فقد بان، وسأعيد عليكم وصيَّة لقمان، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، وَلا تُصَعِّر ْ١ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} ، وأُعيد وصيَّة خليل الله وإسرائيله حُكْم٢ ما تضمَّنه حكم تنزيله: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} والدين الذي ارتضاه واصطفاه، وأكمله ووفَّاه، وقرَّره مصطفاه، من قبل أن يتوفّاه؛ إذا أُعْمِل فيه انتقاد، فهو عمل واعتقاد، وكلاهما مُقَرَّر، ومستمدّ من عقل أو نقل محرر، والعقل متقدم، وبناؤه مع رفض أخيه متهدِّم، فالله واحد أحد، فرد صمد٣، ليس له والد ولا ولد، تنزَّه عن الزمان والمكان، وسبق وجوده وجود الأكوان، خالق الخلق وما يعملون، الذي لا يسأل عن شيء وهم يسألون، الحي العليم المدبِّر القدير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أرسل الرسل رحمة لتدعو الناس إلى النجاة من الشقاء، وتوجِّه الحجَّة في مصيرهم إلى دار البقاء، مؤيَّدةً بالمعجزات التي لا تتَّصف أنوارها بالاختفاء، ولا يجوز على تواترها دعوى الانتفاء، ثم ختم ديوانهم بنبيّ ملَّتنا المرعية الهَمَل، الشاهدة على المِلَل، فتلخَّصت الطاعة، وتعينت الإمْرَةُ المُطاعة، ولم يَبْقَ بعد إلا ارتقاب الساعة، ثم إن الله تعالى قَبَضَه إذ كان بَشَرًا، وترك دينه يضمُّ من الأمة نشرًا٤، فمن تَبِعَه لَحِقَ به، ومن تركه نُوِّطَ٥ عنه في مَنْسَبِه، وكانت نجاته على قدر سببه، روى عنه عليه الصلاة والسلام


١ صعر خده: أماله كبرا.
٢ إسرائيله: يعقوب عليه السلام، والحكم: الحكمة، وهو بدل من وصية.
٣ الصمد: السيد، لأنه يصمد أي يقصد في قضاء الحوائج.
٤ انتشر: المنتشر، ومنه: "اللهم اضمم نشري".
٥ أي أبعد عنه وطرد: يقال ناطت الدار: أي بعدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>