للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلافكم، ولا تحمدوا على جيفة العَرَض الزائل ائتلافكم، واقنعوا منه بما تيسَّر، ولا تأْسَوْا١ على ما فات وتعذَّر، فإنما هي دُجُنَّة٢ ينسخها الصباح، وصفقة يتعاقبها الخََسَار أو الرَّباح، ودونكم عقيدة الإيمان فَشُدُّوا بالنواجذ عليها، وكَفْكِفُوا الشُّبَهَ أن تدنو إليها، واعلموا أن الإخلال بشيء من ذلك خَرْقٌ لا يَرْفَؤُه٣ عمل، وكل ما سوى الراعي همل، وما بعد الرأس في صلاح الجسم أمل، وتمسَّكوا بكتاب الله تعالى حفظًا وتلاوة، واجعلوا حِمْلَه على حِمْلِ التكليف علاوة، وتفكروا في آياته ومعانيه، وامتثلوا أوامره ونواهيه ولا تتأولوه ولا تَغْلُوا فيه، وأشربوا قلوبكم حب من أنزل على قلبه، وأكثروا من بواعث حبه، وصونوا شعائر الله صون المحترم، واحفظوا القواعد التي ينبني عليها الإسلام حتى لا يَنْخَرِم، الله الله في الصلاة ذريعة التَّجِلَّةِ، وخاصة الملة، وحاقنة الدم، وغنى المستأجر المستخدم، وأم العبادة، وحافظة اسم المراقبة لعالم الغيب والشهادة، والناهية عن الفحشاء والمنكر، إن عرض الشيطان عرضها، ووطَّأ للنفس الأمارة سماءها وأرضها، والوسيلة إلى بلِّ الجوانح ببرود الذكر، وإيصال تُحْفة الله إلى مريض الفكر، وضامنة حسن العشرة من الجار، وداعية للمسالمة من الفُجَّار، والواسمة بسمة السلامة، والشاهد للعبد برفع الملامة، وغَسُول٤ الطبع إذا شانه طبع، والخير الذي كلُّ ما سواه له تبع، فاصبروا النفس على وظائفها، بين بدء وإعادة، فالخير عادة، ولا تفضِّلوا عليها الأشغال البدنية، وتُؤْثِرُوا على العليَّة الدنية، فإن أوقاتها المعينة بالانفلات تَنْتَبسُّ٥، والفلك بها من أجلكم لا يُحْبَس، وإذا قورنت بالشواغل فلها الجاه والأصيل، والحكم الذي لا يغيِّره الغُدُوِّ ولا الأصيل، والوظائف بعد أدائها لا تفوت، وأين حقُّ من يموت من حق الحي الذي لا يموت؟ وأحكموا أوضاعها إذا أقمتموها، وأتبعوها النوافل ما أطلقتموها، فبالإتقان تفاضلت الأعمال، وبالمراعاة


١ ولا تحزنوا.
٢ الدجنة: الظلمة.
٣ رفأ الثوب كمنع: لأم خرقة، وضم بعض إلى بعض.
٤ الغسول كصبور وتنور: الماء يغتسل به، وفي الأصل "غاسول" وهو تحريف، والطبع الشين والعيب.
٥ أي تذهب وتضيع، يقال: انبس الرجل إذا ذهب، وفي الأصل "تبتس" وأراه محرفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>