للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصْدَر. ليرتِّب بكرمه الوسائل، أو بقيم الحجج والدلائل. فابتغوا إليه الوسيلة بماله واغْتَنِمُوا رضاه ببعض نواله. وصيام رمضان عبادة السر المقرِّبة إلى الله زُلْفَى. الممحوضة١ لمن يعلم السِّرَّ وأخفى. مؤكَّدة بصيام الجوارح عن الآثام. والقيام ببر القيام، والاجتهاد، وإيثار السُّهاد، على المِهاد، وإن وسع الاعتكاف فهو من سننه المرْعِيَّة، ولواحقه الشرعية، فبذلك تحْسُن الوجوه، وتحصل من الرأفة على ما ترجوه، وتذهب قسوة الطباع، ويمتد في ميدان الوسائل الباع، والحج من الاستطاعة الركن الواجب، والفرض على العين لا يحجُبه الحاجب، وقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدره فيما فرض عن ربه وسَنَّه، وقال: "ليس له جزاء عند الله إلا الجنة" ويلحق بذلك الجهاد في سبيل الله تعالى إن كانت لكم قوة عليه، وغنى لديه، فكونوا ممن يسمع نفيره ويطيعه، وإن عجزتم فأعينوا من يستطيعه. هذه عُمُد الإسلام وفروضة، ونقود مهره وعروضه، فحافظوا عليها تعيشوا مبرورين، وعلى من يناويكم ظاهرين٢، وتَلْقُوا الله لا مبدِّلين ولا مغيِّرين، ولا تضيعوا حقوق الله فَتَهْلكوا مع الخاسرين.

واعلموا أن بالعلم تستعمل وظائف هذه الألقاب، وتَجَلَّى محاسنها من بعد الانتقاب٣ فعليكم بالعلم النافع دليلا بين يدي السامع، فالعلم مفتاح هذا الباب، والموصِّل إلى اللُّباب، والله عز وجل يقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} والعلم وسيلة النفوس الشريفة إلى المطالب المُنيفة، وشرطه الخشية لله تعالى والخيفة، وخاصًّة الملإ الأعلى وصفة الله في كتبه التي تُتْلَى، والسبيل في الآخرة إلى السعادة، وفي الدنيا إلى النِّحْلة٤ عادة، والذُّخر الذي قليله يشفع، وكثيره ينفع، ولا يغلبه الغاصب، ولا يسلُبُه العدو المناصب، ولا يبتزّه الدهر إذا نال، ولا يستأثر به البحر إذا هال، من لم يَنَلْه فهو ذليل، وإن كثرت آماله،


١ الخالصة.
٢ يعاديكم، وظاهرين: غالبين.
٣ أي بعد الاختفاء، من انتقبت المرأة: لبست النقاب.
٤ نحله: أعطاه، والاسم النحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>