ففترة الوحي عنه عليه السلام من هذا القبيل، فظهر صدق توجهه إلى ربه وانقطاعه إليه، وإيثاره مخاطبته على أعز الموجود عند البشر وهي النفس، فكاد مراراً أن يتلفها شوقاً إلى مولاها، وخوفاً أن يفوته الحظ الأكبر منه، فلما ظهر ذلك، حصلت المنحة العظمى، والولاية الكبرى، وخوطب بأفخم الخطاب من ذلك الجناب.
الثاني: من حكم الفترة: أن الفترة تورث الحزن، والحزن يورث التفكير، والتفكير يورث المعرفة، والمعرفة تورث المحبة، والمحبة تورث الشوق، والشوق يورق الانقطاع والتبتل إلى المشوق إليه، فكانت الفترة سبباً لكمال انقطاعه
- عليه السلام - إلى ربه، وتفرغه عن جميع العلائق البشرية، فتتابع الوحي إليه وليس فيه متسع إلا لما هو بصدده وهو الوحي الإلهي.
الثالث: من حكم الفترة: أن الوحي عبارة عن التلقي عن الحضرة الإلهية بواسطة الأرواح الطيبة، أو بغير بواسطتها، وذلك لا يكون إلا بمناسبة كاملة.
والإنسان من حيث هو له مناسبة لذلك من حيث روحه، وعدم مناسبة من حيث جسمه، فكلما غذيت الروح بما يناسبها من الذكر والاتصاف بصفات