والذي يدل على صحة القول الأول وجوه: الحجة الأولى: أن اللفظ إذا كان له معنى ظاهر، ثم دل دليل أقوى منه على أن ذلك الظاهر غير مراد، علمنا أن مراد الله تعالى بعض مجازات تلك الحقيقة، والمجازات كثيرة. وترجُّح البعض على البعض لا يكون إلا بالترجيحات اللغوية. والترجيحات اللغوية لا تفيد إلا الظن الضعيف، فإذا كانت المسألة قطعية يقينية، كان القول فيها بالدلائل الظنية الضعيفة غير جائز.
مثاله: قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
ثم قال الدليل القاطع على أن مثل هذا التكليف قد وجه على ما بيناه بالبراهين الخمسة في تفسير هذه الآية علمنا أن مراد الله تعالى ليس ما يدل عليه ظاهر هذه الآية فلا بدّ من صرف اللفظ إلى بعض المجازات، وفي المجازات كثرة، وترجيح بعض على بعض لا يكون إلا بالتراجيح اللغوية، ولا تفيد إلا الظن الضعيف. وهذه المسألة ليست من المسائل الظنية، فوجب أن يكون القول فيها بالدلائل الظنية باطلًا.
وأيضًا قال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]، ودل الدليل على