للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه يمتنع أن يكون الإله في المكان، فعرفنا أنه ليس مراد الله من هذه الآية ما أشعر به ظاهرها، إلا أن في مجازات هذا اللفظ كثرة فصرف اللفظ إلى البعض دون البعض لا يكون إلا بالتراجيح اللغوية الظنية والقول بالظن في ذات الله تعالى وصفاته غير جائز بإجماع المسلمين. وهذه حجة قاطعة في المسألة. والقلب الخالي عن التعصب يميل إليه والفطرة الأصلية تشهد بصحته.

الحجة الثانية: وهو أن ما قيل: هذه الآية تدل على أن طلب تأويل المتشابه مذموم حيث قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}. ولو كان طلب تأويل المتشابه جائزًا لما ذم الله تعالى ذلك.

فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد منه طلب وقت قيام الساعة، كما في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [الأعراف: ١٨٧] وأيضًا: طلب مقادير الثواب والعقاب وطلب ظهور الفتح والنصرة كما قالوا: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} [الحجر: ٧]

قلنا: أنه تعالى لما قسم الكتاب إلى قسمين: (محكم)، و (متشابه)، ودل العقل على صحة هذه القسمة من حيث أن حمل اللفظ على معناه الراجح (محكم) وحمله على معناه الذي ليس براجح (المتشابه) ثم إنه تعالى ذم طريقة من طلب تأويل المتشابه كان تخصيص ذلك ببعض المتشابهات دون البعض تركًا للظاهر وهو لا يجوز.

الحجة الثالثة: أن الله تعالى مدح الراسخين في العلم بأنهم يقولون آمنَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>