للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به، وقال في أول سورة البقرة: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: ٢٦]، فهؤلاء الراسخون لو كانوا عالمين بتأويل ذلك المتشابه على التفصيل لما كان لهم في الإيمان به مدح، لأن كل من عرف شيئًا على سبيل التفصيل فإنه لا بدّ وأن يؤمن به. إنما الراسخون في العلم هم الذين علموا -بالدلائل القطعية- أن الله عالم بالمعلومات التي لا نهاية لها -من الكليات والجزئيات- وعلموا أن القرآن كلام الله وعلموا أنه لا يتكلم بالباطل والعبث فإذا سمعوا آية ودلت الدلائل القاطعة على أنه لا يجوز أن يكون ظاهرها مرادًا لله تعالى، علموا أن المراد الله تعالى منه غير ذلك الظاهر، ثم فوَّضوا تعيين ذلك المراد إلى علمه، وقطعوا بأن ذلك المعنى -أي شيء كان- فهو الحق والصواب. فهؤلاء هم الراسخون في العلم بالله، بحيث لم يزعزعهم قطعهم بترك الظاهر، ولا عدم علمهم بالمراد على التعيين، عن الإيمان بالله، والجزم بصحة القرآن.

الحجة الرابعة: لو كان قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}، معطوفًا على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، لصار قوله: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} ابتداء، وهو بعيد عن ذوق

<<  <  ج: ص:  >  >>