الفصاحة، بل كان الأولى أن يقال: وهم يقولون آمنا به، أو يقال: ويقولون آمنا به. فإن قيل: في تصحيحه وجهان: الأول: أن قوله: (يقولون) كلام مبتدأ، والتقدير: هؤلاء العالمون بالتأويل يقولون: (آمنا به).
والثاني: أن يكون: (يقولون) حالًا من الراسخين.
قلنا: أما الأول: فمدفوع، لأن تفسير كلام الله تعالى بما لا يحتاج معه إلى الإضمار أولى من تفسيره بما يحتاج معه إلى الإضمار.
والثاني: أن هذا الحال هو الذي تقدم ذكره. وههنا تقدم ذكر الله وذكر الراسخين في العلم، فوجب أن يجعل قوله:{يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} حالا من الراسخين، لا من الله، فيكون ذلك تركًا للظاهر. فثبت أن ذلك المذهب لا يتم إلا بالعدول عن الظاهر. ومذهبنا لا يحتاج إليه. فكان هذا القول أولى.
الحجة الخامسة: قوله: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}، يعني أنهم آمنوا بما عرفوا على التفصيل، وبما لم يعرفوا تفصيله وتأويله. ولو كانوا عالمين بالتفصيل في الكل لم يبق لهذا الكلام فائدة.
الحجة السادسة: نقل عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسير لا يسع أحدًا جهله، وتفسير تعرفه العرب بألسنتها، وتفسير تعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.