فحسدوه وأضمروا له السوء، وبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة رأي في منامه كأن السماء قد انفتحت، فنزلت الشمس في أحسن هيئتها، وكذلك القمر، وأحد عشر كوكبا (من الكواكب) نزلوا وسجدوا جميعهم له، وعظموه (بأحسن تعظيم)، فلما أخبر يوسف بذلك أباه حمد الله تعالى، وأثنى عليه، وأمره أن لا يفشي هذا السر ولا يخبر به إخوته، وذلك قول الله سبحانه وتعالى: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين (٤)} [يوسف: ٤] إلى آخر الآيات. فبلغت أيضا هذه الرؤيا إخوته، فازداد حسدهم وتأكدت عدواتهم ليوسف عليه السلام، وطلبوا له الغوائل والمهلكات، ورأوا أنهم إذا تخلصوا من نصب الغيرة والحسد أن يستريحوا ويسلم لهم دينهم ودنياهم، فلما جنحوا إلى ما جنحوا إليه وطلبوا منه أن يذهب معهم إلى المرعى فيلعب ويستريح، فمال إلى ذلك واستأذنوا أباه، وقالوا له: ليذهب معنا يرتع وليس عليه خلاف ولا بأس، فقال: إني أخشى عليه أن يأكله الذئب، وذلك قول الله سبحانه وتعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين (٧) إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين (٨)