اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين (٩) قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين (١٠) قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون (١١) أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون (١٢) قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون (١٣) قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون (١٤)} [يوسف: ٧ - ١٤].
فتوجهوا بيوسف عليه السلام، فلما توسطوا في الطريق طلب الماء، فلم يسقوه، وطلب الطعام فلم يعطوه وأجمعوا حينئذ على قتله، واستغاث بهم فلم يغيثوه، فاستغاث بأخيه يهودا، ورمى بنفسه عليه، فقالوا: لئن لم تذهب عنه، وإلا قتلناك وإياه، فطلب منهم يهودا أن يلقوه في بئر ولا تقتلوه، فأجابوه إلى ذلك فدلوه بحبل ورموه في بئر، فبكى يوسف عليه السلام، فأنزل الله -جل شأنه- عليه سكينة ونورا ولطفا من عنده، وخاطبه إخوته من أعلى البئر قائلين له: أين رؤياك الكاذبة، فقد مكر الله منك، وقد بغيت علينا وأردت وأنت أصغرنا أن (تكون) أكبرنا وأرأسنا، وحقيق لمن بغى أن يصير إلى ما صرت إليه.
فقال لهم: لم أكذب في رؤياي، ولكن أصبر لما قضى الله سبحانه وتعالى علي. ثم تركوه وذبحوا شاة وأكلوا لحمها وألطخوا بدمها قميصه، ورجعوا بالقميص إلى أبيهم، وأقبلوا يبكون وزعموا أن الذئب أكل يوسف، فبكى يعقوب عليه السلام بكاء شديدا وحزن حزنا عظيما، ولما أفاق من بكائه نظر إلى القميص، وقال ائتوني بالذئب الآكل له، فخرجوا فاصطادوا ذئبا وجاؤوا به إليه، فقال له: سألتك بالذي لا إله إلا هو إله إبراهيم وإسحاق إلا ما نطقت هل أكلت ابني؟ فأنطقه الله سبحانه وتعالى فقال: لا والله يا نبي الله لم آكله، وإن لحوم الأنبياء وأبناءهم محرمة علينا، وإني ذئب غريب أتيت لزيارة أخ لي، ولست من أهل هذه