عزيز مصر واستولى ابنه، وكان الملك ليوسف عليه السلام حقيقة ولابن العزيز صورة.
وممن احتاج في هذا الزمن وافتقر زليخا امرأة العزيز، وكانت قد أسنت، وكان يوسف عليه السلام يطوف في مملكته ويتفقد أحوال رعيته، ويسأل عن أسباب المصالح فيفيضها، وأسباب المفاسد فيدرؤها، وكان يطوف بمدينة مصر، فنادته امرأة مظلومة، فأمر بحملها إليه، فلما وصلت إلى داره دعا بإرسالها، فقالت له: أما عرفتني؟ فلم يعرفها، فقالت: أنا زليخا امرأة العزيز، فاسترجع! ! ثم قال: أنت لم تزالي تتبعيني أبدا، فكشفت إليه ما تجده من الشدة والفاقة، وسألته أن يسأل الله تعالى لها أن يعيد عليها شبابها وجمالها، وأن يتزوج بها، فأمر الله -جل شأنه- أن يدعو بذلك لها، فدعا لها، فأعادها الله سبحانه وتعالى على ما كانت عليه، فتزوج بها، (وهيأ لها موضعا) وزينه بأحسن الزينة مقابلا للموضع الذي هيأته له هي للمعصية، وأولدها ولدين عظيمين اسمهما: أفرم وأفريتم.
وفي هذه المدة وقع غلاء عظيم وقحط بالشام وأرض كنعان، فأمر يعقوب عليه السلام بنبيه أن يذهبوا إلى أرض مصر فيمتارون لهم طعاما يقتاتون به، فراجعوه قائلين له: كيف نذهب إلى مصر وهي أرض الفراعنة وموضع الجبابرة؟ فقال لهم: قد بلغني أن ملكها الآن عدل حسن السيرة، فتوجهوا إلى