ثم لما فتحوا حمولهم وجدوا الدراهم قد أعيدت عليهم، فأخبروا (إياه) بذلك، وألزموا (بأن يرسل معهم أخاهم) لكون العزيز قد بالغ في كرامتهم وأعاد عليهم دراهمهم، وقالوا له: إن في رجوعنا إليه فوائد: منها: أن نشتري لأهلنا وأقاربنا ما يكفيهم من الطعام، ويزيد معنا وقد بعير بمراح بنيامين معنا، فتوثق منهم فأقسموا له بالله أن يعودوا به معهم، فودعهم وأمرهم أن لا يدخلوا من باب مصر جميعا خشية عليهم من العين.
فلما وفدوا على يوسف عليه السلام أكرمهم غاية الإكرام وأضافهم وباسطهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة، وجلس هو مع بنيامين، فحسدوه لذلك وغاروا (وتكلموا) بالعبرانية بكلام يفهم منه الغيرة والحسد، فخشي عليه من وقوع الكيدة منهم، فأمر لهم بالكيل، فكيل لهم جميعا، وأمر خادمه أن يضع الصاع في رحل بنيامين، وكان قد أخبره بأنه هو أخوه وكشف له عن حقيقة الحال. فلما توجهوا إلى خارج المدينة، أرسل يوسف عليه السلام جماعة فأدركهم ونادوا فيهم: قد سرقتهم صاع الملك فارجعوا أيها الركب، فرجعوا ففتشت رحالهم جميعا، فوجدوا الصاع في رحل بنيامين، فقال يوسف عليه السلام: هذا سرق صاعي فأنا آخذه وأتخذه عبدا وخادما، فطلبوا منع أن يعيده عليهم ويرحم غربتهم وضعف والدهم، فامتنع من ذلك، فسألوه أن يأخذ أحدهم بدله فلم يرض أيضا، فتعبوا لذلك كثيرا، ورجعوا على بنيامين يوبخونه ويشتمونه