فأوحى الله -جل شأنه- إليه في سره ألق عصاك فألقاها، فانقلبت حية عظيمة وابتلعت جميع تلك الحيات المموهة، فلما رأى السحرة ذلك علموا أن مثل هذا الشأن لا يكون إلا المؤيد بتأييد إلهي، فأذعنوا حينئذ وآمنوا به وعلموا أنه مرسل من عند الله سبحانه وتعالى، وأنكر فرعون عليهم ما صنعوا من الإيمان بموسى واتباعه، وقال لهم: إن هذا هو الذي علمكم السحر فلهذا أطعتموه وآمنتم به، وهددهم وخوفهم فلم يرجعوا؛ بل أصروا على الإيمان وصرحوا بالتوحيد، وقالوا: افعل ما شئت فلا نرجع من ذلك أبدا.
فلما رأى ذلك فرعون منهم، ورأى إيمان كثير من بني إسرائيل واتباعهم لموسى، استشار فرعون أصحابه في قتل موسى هو ومن اتبعه، فأشاروا عليه بالفعل إلا رجل مؤمن يخفي الإيمان، واسمه خرقيل، وهو الذي قال الله -جل شأنه- فيه:{وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} إلى آخر الآية [غافر: ٢٨]، فإنه قال له: قد جاءه هذا الرجل بهذه الآيات الواضحات فلا ينبغي الفتك فيه؛ فإنه إن يكن كاذبا فما