في بعض الأحيان امرأة ذات حسن فائق وجمال رائق فأعجب بها كثيرًا، فسأل عنها، فقيل له: هي سابغ بنت شائغ امرأة أرويا بن حنان، وهو في غزاة البلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود، فتمنى داود عليه السلام أن تكون له، ومال خاطره لو كان زوجها مات عنها، أو قتل لأجل أن تحل له، فكان من قضاء الله وقدره أن قتل أرويا في تلك الغزاة. فلما مضت عدتها تزوج بها داود عليه السلام فلم يلبث وهو في محرابه والحرس من الحجاب على أبوابه إلا ورجلين عنده، يدعي أحدهما أن لصاحبه وأخيه هذا تسعة وتسعين نعجة، ولي نعجة واحدة، فسأله أخوه، وطلب منه بوجه الغصب والقهر أن يأخذ نعجته ويضمها إلى نعاجه، فأنكر داود عليه السلام ذلك عليه، ونهاه عن التعرض لأخيه، وإن هذا لا ينبغي ولا يليق. فخرجا من عنده، فاستشعر داود أنهما ليسا رجلين، وإنما هما ملكان بعثهما الله عز وجل لتنبيهه وتعريفه بأن ما صار منه هو عين ما نهى عنه، فندم واستغفر واعترف لله عز وجل، وكان يبكي من ذلك كثيرًا، ويتضرع إلى الله تعالى يسبح في الفيافي والقفار، ويبكي على نفسه وخطيئته، وذلك قول الله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (٢١) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (٢٢) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (٢٣) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرًا من الخلطاء لبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه