الهدية والوصائف والوصيفان، ميز بين الوصيفان بنور النبوة وفراسة الولاية، وأعاد الرسل ورد الهدية، وقال: لا حاجة لي بالدنيا فإن الله عز وجل أعطاني ما لم يعطه لأحد غيري، وإنما حاجتي أن يدخلوا في طاعة الله وعبادته، ويتركوا عبادة ما سواه ويطيعوا أمري، فإن لم يفعلوا ذلك أتيناهم بجنود لا يقدرون على ملاقاتهم، وعساكر لا يستطيعون مدافعتهم.
فلما رجع الرسل إليها وأخبروها بما رأوا من جلالته وعظمته، وتمييزه بين الوصائف والوصيفان، وقوله لهم، أرسلت إليه قائلة: إني قادمةٌ عليك، فتوجهت في قومها وأكابر رهطها، فلما أقبلت قريبًا من سليمان، قال لجلسائه من الجن والإنس: أيكم يقدر أن يأتيني بسريرها وتخت ملكها التي تجلس عليه ليكون ذلك سببًا إلى إيمانها وطريقًا إلى تقوية إيقانها؛ لأنها جعلته في موضع بعيد وأقفلت عليه سبعة أبواب، فقال واحد من الجان:{أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك}[النمل: ٣٩]، فسكت سليمان ثم قال وزيره وصاحبه وهو آصف بن برخيا، وكان من أولياء الله وخاصته وأهل التصريف التام والقول