قائلين: إن لنا قوةً ومنعةً وشوكةً، وإن أراد سليمان الحرب فنحن أولو قوة وأولو بأس شديد، والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين، فردت إليهم بأن الرأي الملاطفة والمحاسنة ودفع الضرر، فإن الملوك إذا دخلوا محلًا أفسدوه وأفسدوا برعاياه والضعفة من أهله، ولكن الرأي أن أرسل إليه هدية، وأنطر ماذا يأتي به المرسلون، وأتحقق بذلك حقيقة ما هو عليه وما هو فيه من القوة والمنعة، وهل هو ملك أو نبي مرسل؟ وألبست في جملة الهدية جواري ألبستهم لباس الرجال، وغلمانًا ألبستهم لباس النساء لتختبر هل يميز بينهم بمجرد النظر أو لا.
ثم قالت للأمير المرسول إليه: انظر إلى الرجل إذا دخلت عليه، فإن نظر إليك نظر المغضب فاعلم أنه ملك، فلا يهولنك منظره فأنا أعز منه، وإن رأيت الرجل باشًا لطيفًا فاعلم أنه نبي مرسل فتفهم قوله وراء الأبواب.
فلما أقبلت الرسل أوحي إلى سليمان عليه السلام بحقيقة ما جاؤوا به، فأمر الجن أن يجعلوا مجلسًا عظيمًا وزينوه بأعظم الزينة، وصف فيه الجنود والأتباع وحشر فيه العوالم، فلما رأى المرسلون ما احتوى عليه مجلس سليمان هابوه وارتاعوا لذلك كثيرًا وعظموا شأن ملكه، فلما دخلوا عليه رأوا من البشاشة واللطف ولين الجانب ما لا يعهد عند غيره من الملوك، ثم لما قدموا له