للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شأنهم وما يدعون إليه، فذكروا أنهم يدعون إلى تعظيم الله تعالى وتوحيده، وخلع عبادة ما سواه، وكانت الروم واليونان عبدة أصنام. فأعرض الملك عنهما وأمر بحبسهما حينًا، وقال: لعلي أنظر في شأنهما، فبلغ عيسى عليه السلام حبس أصحابه، فأرسل إليهم أكبر أصحابه وتلامذته وأعزهم وهو شمعون الصفا، وهو الذي قال عز وجل في شأنه: {فعززنا بثالث} [يس: ١٤]، وكان شمعون صاحب فطنة ومعرفة وهو رئيس الحواريين، فدخل المدينة وتلطف وصحب حاشية الملك وصاحبهم بما حسن موقعه لديهم، فأعجبوا به كثيرًا، فأوصلوا خبره إلى الملك فاستدناه وجالسه ونادمه فوجده غاية ونهاية في حسن المخاطبة ولطف المحادثة، وكان يظهر بهم أنه على دينهم وعلى ما هم عليه، فلما مضت مدة وعلم أن الملك ق استأنس به، فجرى ذكر الرجلين المحبوسين، فقال له شمعون: هل سألتهما عن حقيقتهما وما هما عليه، وهل طلبت منهما بينة على ما يدعون ودليلًا على ذلك، فقال: لا لأني غلبني الغضب أن أستفسر عن هذا الشأن، فأشار إليه يدعوهم ويسألهم واستفسر عن شأنهم، فدعاهم وسألهم ما يدعون إليه، فقالا: ندعو إلى الله عز وجل إلهنا وإله كل شيء، فقال لهم شمعون: صفا إلهكما وأوجزا، فقالا: إلهنا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فقال لهما: وهل لكما علامة على صدق ما ادعيتماه؟ فقالا: نعم، نبرئ الأكمه، وهو الذي ولد لا أعين له بإذن الله عز وجل، فأحضر الملك غلامًا ممسوح العينين فوضعا في عينه طينًا مقدار العينين، ثم نفخا فيهما بإذن الله تعالى، فصار له عينان وأبصر، فلما رأى الملك ذلك عجب منه، فخلى شمعون بالملك وقال له: هل يمكن لو دعونا هؤلاء الأصنام تفعل كما فعل رب هؤلاء؟ [فقال له الملك: أنت منا لا خفاء عليك لا تقدر هذه الأصنام أن تفعل شيئًا، ثم قال للملك: سلهم أن يحيوا ميتًا قد مات، فسألهم الملك فقال لهم، فأحضر ابنًا لدهقان قد مات منذ سبعة أيام، فأحيوه بإذن الله تعالى، وقام صحيحًا وأخبرهم أن ما هم عليه باطل، وأن ما يدعو إليه هؤلاء حق، وأخبرهم أنه رأى شابًا حسن الوجه يدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>