وكان ممن اتبع النبي عيسى عليه السلام وآمن به، وكان على شريعته وملته، وكان له خباء خارج نجران، وكان بنجران رجل يعلم أهل نجران وصبيانهم الرقاء والسحر والروحانية، وكان في جملة الصبيان الذين يذهبون غليه صبي يقال له: عبد الله بن التامر، وكان ذكيًا فطنًا صاحب قابلية واستعداد، وكان إذا قصد الساحر طريقه على خباء فيمون فيجلس إليه ويتحدث معه وكان يعجبه حديثه، وكن فيمون يعلم الصبي الأحكان والدين ويخبر بالشرائع، فمال إليه الصبي وأحبه، وكان يكثر التردد عليه، وكان أهل الصبي إذا أبطأ عليهم ضربوه، وكذلك الساحر يضربه إذا أبطأ؛ لكونه يستغرق عند الراهب كثيرًا، فقال له الراهب: إذا سألك أهلك فقل: حبسني الساحر، وإذا سألك الساحر فقل: حبسني أهلي. وكان الصبي بحسن ذكائه قد تعلم من الراهب اسم الله الأعظم واستخرجه بعظمته، قأقبل يومًا فرأى حية عظيمة قد منعت الناس عن المرور في الطريق، فقال: اللهم إن كان ما عليه الراهب وما يدعوني إليه حقًا فاقتلها، فرماها بحجر فقتلها فأخبر الراهب بذلك، فقال له: يا بني إنك اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى فلا تدل علي، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي العلل المزمنة بدعائه إلى الله عز وجل على شريطة أن يؤمنوا فعوفي ناس كثيرون وآمنوا بالله بسببه، وكان من جملة من آمن جليس لملك تلك الأرض، وكان أعمى فدعا له عبد الله بن التامر بشريطة الإيمان بالله تعالى فأبصر وآمن بالله تعالى، فأخبر الملك بذلك فعذبه الملك، فأخبر عن الغلام فأتى به، فقال له الملك: قد بلغ مني سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وتشفي المرضى.
فقال إني لا أشفي أحدًا، ولكن الله خالقنا وخالق كل شيء هو الشافي والمعافي والكافي، فعذبه الملك، فدل على الراهب فيمون فأتي به، فقال له الملك: ارجع عن دينك فلم يرجع، فنشر بالمنشار ومات -رحمه الله تعالى-، وأمر عبد الله بن التامر أن يرجع فأبى وامتنع، فأمر به أن يلقى من جبل عال فألقي فلم يصبه شيء، وأتى إليهم صحيحًا سليمًا، فأمر به أن يغرق في البحر فلم يغرق وأنجاه الله تعالى، فلم يزل على ذلك لا يؤثر فيه شيء بإذن الله تعالى، قال للملك: لا يمكنك أن تقتلني حتى تفعل على ما أشير به عليك، فقالله الملك: وما هو؟ فقال: أن تجمع أهل البلد جميعًا في صعيد واحد من الأرض، ثم تأخذ سهمًا من كنانتي فتضعه في القوس، وتقول: بسم رب