فجمع الملك الناس في صعيد واحد وأخذ السهم من كنانته فرماه به فوقع السهم في صدغه فوضع يدع في صدغه ومات -رحمه الله تعالى-.
فقال الناس جميعًا: آمنا برب الغلام وعملنا أنه على حق، وأسلم أهل البلد.
فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر منه قد وقع، قد أسلم الناس جميعًا وآمنوا!
وأمر بالأخدود فخدت الأرض؛ أي شقت شقًا طويلًا، وأوقد نارًا فيها النيران العظيمة، وأمر بمن لم يرجع أن يلقى فيها.
فألقي أمم كثيرون فاقتحموا فيها، وجاءت امرأة ومعها طفل صغير فتقاعست عن النار، فقال لها الصبي: اصبري يا أماه فإنك على حق.
وقد ذكر الله -جل شأنه- خبر الأخدود في كتابه العزيز فقال عز من قائل: {قتل أصحاب الأخدود (٤) النار ذات الوقود (٥) إذ هم عليها قعود (٦) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (٧) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد (٨) الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد (٩) إن الذين قتلوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق (١٠)} [البروج].
وقد جاءت روايات كثيرة في أصحاب الأخدود غير ما ذكرناه، ولا يبعد أن يكون هذا الأخدود قد صنع مرارًا في أيام متعددة فتنة وبلية على المؤمنين، ولكن هذه الرواية التي ذكرناها رويت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.