عبد المطلب مجيبًا له: أيها الملك، إن هذه الأبل ملكي وأنا صاحبها فأنا أسألك عنها، وأطلب منك أن تعيدها علي، أما هذا البيت فأنت مأزم ومتصمم على هدمه وله رب حاضر قادر يمنعك عنه، فأعاد عليه الإبل، فانصرف عبد المطلب حتى وقف بباب الكعبة فقال:
لا هم إن العبد يمـ ... ـنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم غدوا محالك
إن كنت تاركهم وقبـ ... ـلتنا فأمر ما بدا لك
ثم صعد إلى جبل أبي (قبيس) هو وأصحابه فجلس به، وأصبح برهة متوجهًا إلى مكة مجمعًا على هدم البيت وإخرابه وقدم قبله محمود، فلما توجه تلقاء مكة خطوات برك الفيل فضربوه فلم يقم، ووجهوا إلى غير جهة الحرام فهرول، فكان إذا وجهوه إلى جهة الحرام برك، وإذا وجه إلى غير جهة الحرام يهرول.
وفي هذا الحال أرسل الله -جل شأنه- طيورًا سودًا من البحر يقال لها:(الأبابيل) في منقارها حجر، وفي يدها حجر مقدار العدس، لا يصيب شخصًا إلا قتله، فألقت عليهم الحجارة فأصابت جماعة منهم فهلكوا وفر الباقون هاربين، وكان ممن أصيب أبرهة، فلم يزل ينقطع جسده إلى أن وصل صنعاء اليمن فمات بها، وذلك قول الله سبحانه: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (١) ألم يجعل كيدهم في تضليل (٢) وأرسل عليهم طيرًا أبابيل (٣) ترميهم بحجارة من سجيل (٤) فجعلهم كعصف مأكول (٥)} [الفيل].